الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .. وبعد :
ففي حديث الشفاعة في الصحيحين : آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟ فأقول : محمد ، فيقول : بلى .. أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك .
وفي حديث أبي هريرة في الصحيح : " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب ، هلم .. " .
وكذلك حديث : " أول زُمْرَةٍ تدخل الجنة من أمتي فقراء المهاجرين يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون فيقول لهم الخَزَنَةُ أوقد حُوسِبْتُم قالوا بأي شيء نحاسب وإنما كانت أسيافُنا على عواتقنا في سبيل الله حتى مِتْنا على ذلك فيفتح لهم فيَقِيلُون فيها أربعين عامًا قبل أن يدخلها الناس ".
أخرجه الحاكم (2/80 ) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي . ورواه البيهقى في شعب الإيمان (4/28 ) وصححه الألباني في الصحيحة .
هكذا جاء ذكره مبهما " الخازن" و " الخزنة " على الإفراد والجمع ..
وما اشتهر من أن خازن الجنة اسمه رضوان - كما هو مشهور - غير صحيح لعدم وجود الدليل الشرعي الصحيح عليه ..
وقد اشتهر على ألسنة كثير من العلماء في تفاسيرهم وشروحهم لكتب الحديث ..
قال الإمام ابن القيم في حادي الأرواح (1/76) :
قد سمى الله سبحانه وتعالى كبير هذه الخزنة رضوان وهو اسم مشتق من الرضا وسمى خازن النار مالكا وهو اسم مشتق من الملك وهو القوة والشدة حيث تصرفت حروفه . اهـ
قال المناوي في فيض القدير (1/50) :
سمي الموكل بحفظ الجنة خازنا لأنها خزانة الله تعالى أعدها لعباده ، والـ فيه عهدية والمعهود رضوان ، وظاهره أن الخازن واحد وهو غير مراد ، بدليل خبر أبي هريرة : " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب هلم " .
فهذا وغيره من الأحاديث صريح في تعدد الخزنة ، إلا أن رضوان أعظمهم ومقدمهم ، وعظيم الرسل إنما يتلقاه عظيم الحفظة .. اهـ
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (1/53) عند ذكر خلق الملائكة :
ومنهم الموكلون بالجنان وإعداد الكرامة لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها من ملابس ومصاغ ومساكن ومآكل ومشارب وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وخازن الجنة ملك يقال له رضوان جاء مصرحا به في بعض الأحاديث . اهـ
وفي تفسير الرازي (5/313) : أن قوله تعالى : { وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً } جاء على لسان رضوان خازن الجنة .
وفي تفسير اللباب لابن عادل الحنبلي (3/474) : في تفسير قوله تعالى { وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ } قال : أن المكسور اسم ، ومنه رِضوان : خازن الجنة صلّى الله على نبينا وعلى أنبيائه وملائكته . اهـ
ويقرره كثير من الأخوة الكرام الأفاضل ضمن أصل اعتقاد أهل السنة في الملائكة ، كما في الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة (1/53) قال مؤلفه :
فأَهل السُنّة والجماعة : يؤمنون بهم إِجمالا ، وأَمَّا تفصيلا فما صح به الدليل ، ومَن سمّاه الله ورسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- منهم كجبريل الموكل بالوحي ، وميكائيل الموكل بالمطر ، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور ، وملك الموت الموكل بقبض الأَرواح ، ومالك خازن النَّار ، ورضوان خازن الجنة ، وملكي القبر منكر ونكير . اهـ
وقال الدكتور ياسر برهامي في منة الرحمن في نصيحة الأخوان (1/17) عن الملائكة : وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون : منهم: جبريل الموكل بالوحي, وميكائيل الموكل بالقطر, وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور, ومنهم ملك الموت وأعوانه, ومنكر نكير الموكلين بسؤال القبر وعذابه, ومالك خازن النار, ورضوان خازن الجنة, والكرام الكاتبين الذين يحصون على العباد أعمالهم وغيرهم كثير . اهـ
وذكر الشيخ عطية سالم – رحمه الله - في شرح الأربعين النووية في الشفاعة الثالثة والرابعة : فيأتي صلى الله عليه وسلم ويطرق الباب ويجيبه رضوان خازن الجنة ، فيقول : أنا محمد ، فيقول : أمرت أن أبدأ بك ، لا أفتح لأحد قبلك ، فيدخل أهل الجنة الجنة . اهـ
وهو في كتب التفسير وشروح الحديث كثير جداً ..