تمهيد
إن من أسباب غرس المحبة في القلوب وبث النشاط في النفوس بين الزوجين أحاديث المسامرة
والطرائف المضحكة. أعتقد أن ذلك من الأمور التي قد يغفل عنها بعض الأزواج فتجد جل كلامهم
في هموم الحياة ومشكلاتها وواجباتها ومسؤولياتها، فالزوجة عادة ما تتحدث عن مشكلات
الأولاد ومتاعبهم، ونواقص البيت وحاجاتهم، والزوج يتحدث عادة عن صعوبات الحياة ومشقة
العمل، فالحياة جافة مما يزرع في القلوب الجفوة والنفرة.
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحرص على مسامرة زوجاته ... وما حديث أم زرع عنا
ببعيد؛ بل حث صلى الله عليه وسلم أصحابه على ذلك ولم يكتف عليه أفضل الصلاة والسلام
بمجرد فعله مع أنه كاف في الدلالة على المشروعية حيث قال لجابر: هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك
وتضاحكها وتضاحكك . .فالحياة الزوجية بأمس الحاجة إلى مثل هذه الوقفات ... وقفات الملاعبة والمضاحكة..
ولكن في مسألة المضاحكة والمسامرة أمور لا بد من مراعاتها:
一- أن يكون الكلام هادفاً بقدر الاستطاعة؛ لأن الله وصف عباده المؤمنين
فقال: (والذين هم عن اللغو معرضون).二- أن تكون المسامرة خالية مما نهى الله عنه من الغيبة والنميمة، وإذا وقع ذلك
فعلى السامع أن يرشد المتحدث كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
五- أن تكون خالية من الكذب .. لأنه قد ورد النهي عن الكذب لإضحاك الناس ..
八- أن تكون بقدر لأن كثرة الضحك يميت القلب .. ويشغل عن المهمات ويسقط المروءات.
هـ- أن لا يكون فيها ما يقدح بخاطر الزوجة أو الزوج.
إذا ثبت هذا .. فإن هذه الطرائف أوردهاعلى لسان قائليها ممن سمعت أوقرأت
فأعجبت بما كتبوا أو قالوا، وهي لا تخلو من ملحوظات .. ولكن ظني أنها بالجملة
مما ينفع سماعه والله يغفر الشطط، وقد اجتهدت أن أذكر المرجع الذي اقتبست
منه ولكن ربما عجزت عن بعضها نظراً لنسياني المرجع الذي أخذت عنه،
فليغفر لي أصحابها ذلك فإنما الخير أردت...
عندما هممت بالزواج من الثانية!
ما أكثر ما يدور الحديث في مجالس الرجال عن التعدد، وإن كان الكثير من الكلام
لا رصيد له من العمل في الواقع، ويبدو أن ذلك تنفيس عن الأمنيات المكبوتة والآمال
المحبوسة في صدور الكثير من الرجال، والتي لا يستطيعون التصريح بها أمام زوجاتهم!!
وفي مجلس من المجالس الذي دار فيه الحديث عن تجارب المعددين، قال أحدهم:
حدثتني نفسي يوماً بالزواج من ثانية... ولما كنت حريصاً على أن أمهد لزوجتي قبل أن
أصارحها برغبتي في الزواج فقد بحثت عن كتاب أو رسالة تبين فضل التعدد وأهميته ..
وفعلاً اطلعت على مقالة أعجبتني في صحيفة فانتزعتها ووضعتها في موقع بارز في
"المطبخ" رجاء أن يقع بصر زوجتي عليها فتقرأها، لعل ذلك يخفف غيرتها ويحد من غضبها
عندما أصارحها بما يدور في نفسي.
ذهبت إلى العمل وأنا أفكر في موقف زوجتي من هذا المقال وماذا سيكون رد فعلها
عندما تقرؤه .. لقد كنت متفائلاً في أن المقال سيغير موقفها وسيسهل علي مهمتي
التي عزمت عليها .. ولكن عندما عدت من عملي في آخر النهار ودخلت المطبخ ..
خاب ظني وتلاشى تفاؤلي، حيث وجدت مقالي قد وضع على طاولة الطعام
وقد وضعت زوجتي فوقه سكيناً كبيرة!!
قلت ـ في نفسي ـ وأنا أنظر إلى السكين: الآن عرفت السبب الذي جعل الكثير من
الرجال يحجمون عن التعدد على الرغم من كثرة ثرثرتهم حوله في مجالسهم، يبدو أنهم
رأوا سكاكين كثيرة .. ورحم الله "زوجاً" عرف قدر نفسه.
[img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img]