تجدد الجدل خلال الآونة الأخيره حول دور الزعامة الأمريكية الدولي وحول قدرتها على بسط “هيمنتها” المباشرة عسكريا واقتصاديا على العالم العربى والاسلامى. فحروب أمريكا العدوانية بدءا من أفغانستان مرورا بالعراق وانتهاء بالصومال لايمكن الفوز بها وهذه الحروب اضعفت أمريكا عسكريا وإقتصاديا وألحقت الضرر بسمعتها وافقدتها مصداقيتها وهيبتها أمام العالم. وتحولت أمريكا من دولة ينظر إليها بإعجاب واحترام باعتبارها تناصر الحرية والديمقراطية إلى دولة مكروهة يخشاها الجميع.
صار من المؤكد أن الزعامة الأمريكية مرتبطة ارتباطا وثيقا وكاملاً بقدرة الولايات المتحدة على “التحكم بالمنطقة العربية” فمنطقة الخليج العربي تحتل مكانة كبيرة في السياسة والأفكار الاستراتيجية الأمريكية من حيث كونها مصدرًا أساسيًّا لإنتاج النفط. والوجود العسكري والسياسي الأميركي في المنطقة يعطيها القوة في السيطرة على منابع الطاقة في العالم ومن يسيطر على منابع الطاقة النفطية يسيطر على مقدرات واقتصاديات الدول المستخدمة لهذه الطاقة.
وعليه فان انتصار أمريكا في العراق وأفغانستان، هو عامل رئيسي في استمرار الزعامة الأمريكية للعالم. الا أن تعثر الولايات المتحدة في أفغانستان يثير تخوفا متزايدًا لدى دوائر صنع القرار الأمريكي، وداخل الأروقة البحثية الأمريكية من تورط القوات الاميركية في مستنقع أفغانستان. فبعد حوالي ثماني سنوات على احتلال أفغانستان، لا تزال القوات الاميركية تتعرض لهجمات شبه يومية وتتكبد خسائر، مما يزيد من مخاوف ادارة اوباما حيال تطورات الاوضاع في أفغانستان وباكستان والتى من شأنها خلق معارضة واسعة في أوساط الشعب الامريكي ضد الحرب العدوانية في أفغانستان والتي سوف ترغم إدارة اوباما الى التسليم بالهزيمة والانسحاب من أفغانستان.
وبعد أن بدا أنسحاب أمريكا من العراق أمراً واقعاً لا مفر منه، فإن الانسحاب والهزيمة في أفغانستان يعني بأن القوات المناوئة لوجودها قد انتصرت وعندها ستنتشر الأفكار الأصولية والمتشددة ليس في العراق وأفغانستان فحسب بل في كل المنطقة, وهو ما سيساهم في إضعاف النفوذ الأمريكي في المنطقة وتوجيه الضربة القاضية بوجهِ الزعامة الأمريكية الى الأبد.
مع تحياتي