الناس يختلفون فيما بينهم اختلافات لا يحصيها العد..
فمن الناس من تجده شهما يهب إلي نجدتك إذا دعت الحاجة, ومنهم من لا يحرك
ساكنا إذا لجأت إليه, بل يدير لك ظهره.. ومن الناس من يتصف برحابة
الصدر في تعاملاته.. ومنهم من هو ضيق الصدر.. متحفز دائما للعراك
والشجار مع القريب والبعيد علي حد سواء.. ومن الناس من يقابلك بابتسامة
ووجه بشوش, ومنهم من يقابلك بتكشيرة ووجه متجهم.. ومن الناس من إذا
أسديت إليه معروفا شكر لك وكان لمعروفك ذاكرا, ومنهم من لاتخرج من فمه
كلمة شكر..
ومن الناس الراشدون ومنهم الحمقي. ومن الناس العالمون ومنهم الجهلة,
ومنهم لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء.. أي بين بين..
وغير تلك التصنيفات كثير كثير.. ونحن نجابه هؤلاء وأولئك في حياتنا
اليومية ونتعامل معهم.. نتعامل مع من نحب أن نتعامل معهم, ونتعامل ـ
كارهين مضطرين ـ مع من لا نحب أن نتعامل معهم.
هذه هي الدنيا.. وعلي الواحد منا أن يتخذ له خطا في التعامل مع الناس..
حسب ما هم عليه.. ولكن دون أن نفقد صفاتنا نحن لنجاريهم فيما هم
عليه.. اللهم إلا لنداريهم( داراه: لاينه ولاطفه ليتقيه) رأس العقل
بعد الايمان بالله مداراة الناس( حديث شريف)..
لا ينبغي أن نفقد صفاتنا الحلوة لأن الناس لا يفهمونها أو لا يقدرونها حق
قدرها, لأننا حين نتمسك بما لدينا من حسن الأخلاق فإننا نتبع رضوان الله
ونسير علي هداه ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي
بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها
إلا ذو حظ عظيم( فصلت34 ـ35) أي نصبر علي مضايقات الناس لنا أو جهلهم
علينا بالقول أو بالاشارة أو بالتصرفات السخيفة التي تدل علي قلة
الذوق.. وما يلقاها, الضمير يعود علي الجنة..
ومن ناحية أخري علينا أن نخالط الناس بخلق حسن.. فلا نزدري أحد وإن كان
أقل منا في السلم الاجتماعي.. بل نعاملهم من منطلق الأخوة الإنسانية إنما
المؤمنون اخوة( الحجرات10)..
وإذا رزقنا الله مالا أو منصبا فلا ينبغي أن نتكبر علي الناس, أو ننظر
إليهم نظرة فوقية.. هذا ما لا يرضاه الله لا يدخل الجنة من كان في قلبه
مثقال ذرة من كبر( حديث شريف) وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه لا
يحقرن أحد أحدا من المسلمين, فإن صغير المسلمين عند الله كبير]
كما ينبغي علي المرء أن يبتعد عن الغش والتدليس( والتدليس هو الخداع
والغدر في التعامل) أو النصب والاحتيال علي الناس, فهذا بكل تأكيد ليس
من خلق المسلم, ولا يزكيه عند الله, بل سيدفع ثمنه غاليا يوم القيامة
وإن صلي وصام وحج..
كذلك يتعين علي المؤمن ألا يقتطع حق أي إنسان, بل يعطيه له كاملا غير
منقوص حرصا علي مصيره في الآخرة من إقتطع حق إمريء بيمينه فقد أوجب الله له
النار وحرم عليه الجنة قيل يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا؟ قال وإن كان
قضيبا من أراك( حديث شريف) والأراك هو الخشب الذي يتخذ منه السواك..[
لأن اقتطاع حق أي إنسان ظلم لا يقبله الله تعالي إنما السبيل علي الذين
يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم(
الشوري42)]
كذلك ينبغي علي المؤمن أن يكون عونا لأخيه من نفس عن مؤمن كربة من كرب
الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة( حديث شريف)[ ومن يسر علي
مسلم يسر الله عليه في الدنيا والآخرة, ومن ستر مسلما ستره الله في
الدنيا والآخرة, والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه( حديث
شريف)..]
والإنسان لا ينبغي أن يفعل بغيره مالا يرضي أن يفعله الغير به لا يؤمن
أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه( حديث شريف)..
حسن الخلق وتقوي الله في التعامل مع الآخرين يدخل الناس الجنة