كلنا يسعى لكسب رضى الله ونيل الجنة ، لا أظن أن عاقلا يختلف معي في ذلك ، إلا أن طرقنا تختلف ، فمنا من يكثر من قيام الليل ، ومنا من يكثر من الصدقات ، ومنا من ومن ومن ومن ، فلكل شخص أعماله التي تميزه عن غيره. ولكن دعونا نتأمل هذه القصة: بينما الصحابة رضوان الله عليهم جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ يقول لهم عليه السلام ( بما معناه ) : سيدخل عليكم رجل من أهل الجنة ، فدخل رجل وجلس معهم . وفي اليوم التالي وهم جلوس مع النبي الكريم ، إذا يقول لهم ( بما معناه ) : يدخل عليكم رجل من أهل الجنة ، فدخل عليهم نفس الرجل وجلس . وفي اليوم التالي تكرر نفس الموقف. تمنى الصحابة لو كانوا مثل هذا الرجل ، وتشوقوا لمعرفة عمله الذي جعله من أهل الجنة ، وأظن أننا نود معرفة ذلك أيضا. حسنا ، لنكمل القصة إذا : قرر أحد الصحابة أن يحاول اكتشاف هذا العمل ، فذهب هذا الصحابي للرجل ، وطلب منه أن يظل عنده لبضعة أيام ، وأوجد حجة لذلك ، فوافق الرجل . وفي هذه الأيام ، كان الصحابي يراقب الرجل في كل تصرفاته ، فلم يجده كثير صيام ولا كثير قيام ، فلقد كان ينام الليل ويفطر النهار ، فاحتار الصحابي في أمره ، فما العمل الذي جعله من أهل الجنة. لقد راقب هذا الصحابي فعل الجوارح ( الأعمال الظاهرية ) ، إلا أنه لم يطلع على القلوب ، فعلمها عند مقلب القلوب ، وقد تكون أعمال القلوب أحيانا أعظم من أعمال الجوارح. قرر الصحابي أن يروي القصة كاملة للرجل، ليعرف منه العمل العظيم الذي يقوم به ، فروى الصحابي للرجل القصة ، وسأله عن هذا العمل ، فأجاب الرجل ( بما معناه ): أنني آوي إلى فراشي وليس في قلبي ذرة غل على أحد من المسلمين. ياله من عمل صعب ! أيعقل أن لا يحمل الرجل على أي مسلم من المسلمين ذرة من غضب أو غل ! إنه فعلا عمل عظيم ! أسأل الله أن ييسر هذا العمل علينا
اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا
اللهم آمين
كان الإمام أحمد يدعو في سجوده : " اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه على الحق ، فرده إلى الحق ليكون من أهل الحق ". وقال الامام الشافعي رحمه الله : لما عفوت ولم أحقد على أحد *** أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته *** لأدفع الــــــــــــشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه *** كما إن قد حــشى قلبي مودات
ختاما إن شئت ان تحيا سليماً مـــن الأذى ** و حظًك موفورٌ و عرضك صَيــــــّــــــنُ
لسانك لا تذكر به عورة أمــــــــــــــرئٍ ** فكُلك عورات و للناسِ ألسُـــــــــــــنُ
وعينك إن أبدت إليك مســـــــــــــاوئاً ** فصُنها و قل يا عينُ للناسِ أعيُـــــــنُ
وعاشر بمعروفٍ و سـامح من إعتدى ** و فارق و لكن بالتي هي أحســـــن