| احسن القصص | |
|
+3the lion صلاح سامى تباشير الصباح 7 مشترك |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 12:55 pm | |
| --------------------------------------------------------------------------------
القصة الآولي من قصص الصحابة – أبوبكر الصديق رضي الله عنه بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم لان سيدنا ابوبكر الصديق رضي الله عنه وارضاه قصته طويله وتحتاج الي موضوعات كثيره لكي تغطي قصته وسيرته العطره لكنني سوف اقتصر في قصته قدر الإمكان حتي تخرج مختصره ومفيده وسوف نركز علي اهم المواقف التي ميزته سيدنا ابوبكر هو عبدالله بن أبي قحافه يلتقي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في " مرة " ولد رضي الله تعالي عنه بعد مولد النبي صلي الله عليه وسلم بسنتين وأشهر 0 مكانته بين قومه : قال الامام النووي رحمه الله تعالي : كان ابوبكر من رؤساء قريش في الجاهلية وأهل مشاورتهم ، ومحببا فيهم ، واعلم لمعالمهم ، فلما جاء الاسلام آثره علي ما سواه ، ودخل في أكمل دخول " استقامته في الجاهلية : قالت عائشة رضي الله تعالي عنها : " والله ما قال أبوبكر شعر قط في جاهلية ولا في اسلام " ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية " معني هذا ان سيدنا ابوبكر رضي الله عنه وارضاه قد حرم الخمر علي نفسه في الجاهلية " إسلامه: لقد اسلم ابوبكر الصديق في اوائل الدعوه وهناك اختلاف فيمن اسلم اولا هو ام علي بن ابي طالب لكن المعروف وتم الاجماع عليه ان السيدة خديجة هي اول من اسلمت من النساء وسيدنا علي اول من اسلم من الصبيان وسيدنا ابوبكر رضي الله عنه وارضاه اول من اسلم من الرجال تسميته بالصديق : قال مصعب بن الجمجراوىير : " اجمعت الأمة علي تسمتيه بالصديق " وسمي بالصديق لموقفه الشهير يوم الاسراء والمعراج عندما جاءه المشركون فقالوا له " هل لك الي صاحبك ؟ يزعم انه أسري بيه الليلة الي بيت المقدس قال "أوا قال ذلك ؟ " قالوا : نعم ، فقال : " صدق ، إني لاصدقه بأبعد من ذلك بخبر السماء غدوة وروحه " فلذلك سمي بالصديق " فضائله : فضائل سيدنا ابوبكر الصديق كثيره ولكن من اهمها 1- ثاني اثنين : يقول الله تعالي : " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " صدق الله العظيم : يقول ابوبكر في هذا الموقف : قلت للنبي صلي الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن احدهم نظر تحت قدميه لابصرنا : فقال " ما ظنك يا ابا بكر باثنين الله ثالثهما " 2- أول من صلي مع النبي صلي الله عليه وسلم 3- عتيق الله من النار وهكذا قال النبي صلي الله عليه وسلم عندما دخل عليه ابا بكر فقال له " انت عتيق الله من ا لنار " لذلك سمي : عتيقا " 4- سيد كهول اهل الجنة : عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم " قال " ابو بكر وعمر سيدا كهول اهل الجنة من الأولين والأخرين ، ما خلا النبين والمرسلين ، لاتخبرهما ياعلي " 5- هذان مني السمع والبصر " عن عبدالله بن حنطب : " أن البني صلي الله عليه وسلم رأي أبابكر وعمر فقال : هذان مني السمع والبصر " صفحات مضيئة في حياته : الموقف الاول : يقول علي بن ابي طالب " لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم واخذته قريش فجأت وهذا يتلتله "أي يحركه ويزعزعه من مكانه " وهم يقولون : أنت الذي جعلت الالهه إلها واحدا ؟ قال : فوالله ما دنا منا احد إلا أبوبكر ، يضرب هذا ويتلتل ويبعد هذا وهو يقول : ويلكم " اتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " ثم رفع علي برده كانت عليه ، فبكي حتي اخصلت لحيته
الموقف الثاني : يوم بدر : في يوم بدر كان عبدالرحمن بن ابي بكر مع المشركين ، فلما اسلم قال لابيه لقد اهدفت لي يوم بدر أي اشرفت لي يوم بدر فانصرفت عنك ولم اقتلك فقال ابو بكر لابنه عبدالرحمن لكنك لو اهدفت لي لم انصرف عنك " وفي هذا الموقف يتجلي ايمان ابي بكر الذي كان مستعدا لقتل ابنه في المعركه وفي هذا تقديم لمحبة الله ورسوله علي كل ما سواهما ليحقق حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم حينا قال " لايؤمن احدكم حتي أكون أحب اليه من نفسه "
الموقف الثالث : يوم وفاة النبي كان عمر يكلم الناس وينفي موت النبي صلي الله عليه وسلم فخرج ابا بكر وقال له اجلس ياعمر فابي عمر ان يجلس فقال احلس ياعمر فتشهد فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت : وتلي قول الله تعالي : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم علي اعقابكم ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " صدق الله العظيم وكأن الناس لم يعلموا ان الله عز وجل انزل هذه الآية حتي تلاها ابوبكر فتلقاها الناس كلهم فما نسمع بشرا من الناس إلا يتلوها وقال عمر بن الخطاب ما هو الا ان سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتي ما تقلني رجلاي واهويت الي الارض وعرفت حين سمعته تلاها ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد مات
الموقف الرابع : أيام الردة : بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم ارتدت طوائف كثيرة من العرب عن الاسلام ومنعوا الزكاة فنهض ابوبكر لقتالهم فأشار عليه عمر وغيره ان يفتر عن قتالهم فقال ابوبكر قولته المشهور : والله لو منعوني عقالا أو عناقا كانوا يؤدونها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم لقاتلتهم علي منعها وعقد رضي الله عنه الالوية للقتال علي جميع الجهات ولم تشهد الصحراء في حياة النبي صلي الله عليه وسلم مثيلا لهذه المعارك الطاحنة فقد اتسعت ميادينها وتتابعت امدادها وفدحت مغارمها وكثرت ضحاياها حتي تحقق النصر للاسلام وكسرو شوكة المرتدين فعاد من عاد الي الاسلام وهلك من هلك بعيدا عنه وما هي الاسنوات قلائل حتي كان الاسلام ملء البر والبحر ملء السمع والبصر بينما عاشت الاديان الاخري علي هامش الحياة
ومواقفه الاخري كثيره علي سبيل المثال لا الحصر ولانستطيع التفصيل اكثر من هذا موقفه في جمع القرأن الكريم خوفه من تناول الحرام أنفاقه في سبيل الله تعالي ودفعة لثمن بلال وهو عبد لاميه بن خلف سيد بلال واشتراه منه واعتقه يقول عمر بن الخطاب : امرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ان نتصدق ووافق ذلك عندي مالا فقل اليوم اسبق ابا بكر لاني لم اسبقه يوما قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما ابقيت لاهلك ؟ قلت ابقيت مثله واتي ابوبكر بكل ما عنده فقال له النبي صلي الله عليه وسلم يا أبا بكر ما ابقيت لاهلك ؟ قال ابقيت لهم الله ورسوله فقلت لا اسبقه الي شئ ابدأ " وصيته لعمر وهو علي فراش الموت : لما حضر ابا بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له : " اتق الله ياعمر ، واعلم ان لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل ، وعملا بالليل لايقبله بالنهار ، وأنه لا يقبل نافلة حتي تؤدي فريضة ,وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم .................. الخ "
اللحظات الاخيرة في حياته قال سيدنا ابا بكر في لحظاته الاخيره انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت الامارة فابعثوا به الي الخليفة من بعدي تقول عائشة رضي الله عنها نظرنا بعد وفاته فإذا بعبد نوبي وبعير كان يسقي له بستانا له فبعثنا بهما الي عمر فقال عمر " رحمة الله علي ابي بكر ، لقد اتعب من بعده تعبا شديدا "
وعن عائشة رضي الله عنها قالت " إن ابا بكر لما حضرته الوفاة قال : أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم الاثنين ، قال : فإن مت من ليلتي فلا تنتظروا بي للغد ، فإن أحب الايام والليالي إلي اقربها من رسول الله صلي الله عليه وسلم " ثم قال لعائشة : اغسلي ثوبي هذين وكفنيني بهما ، فإنما ابوكي احد رجلين : إما مكسو احسن الكسوة او مسلوب أسوأ السلب : واوصي عائشة ان يدفن إلي جنب رسول الله صلي الله عليه وسلم لما توفي حفر له وجعل رأسه عند كتف رسول الله صلي الله عليه وسلم وألصق اللحد بقبر رسول الله : وصلي سيدنا عمر رضي الله عنه علي ابي بكر بين القبر والمنبر ، وكبر عليه اربعا توفي ابو بكر رضي الله عنه وارضاه ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء لثمان ليال بقين من جمادي الاخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين عاما رحمه الله ورضي عنه وحشرنا في زمرته اسف علي الاطالة تمنياتي الاستفادة للجميع | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأربعاء سبتمبر 23, 2009 8:39 am | |
| عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب هو ثاني الخلفاء الراشدون ، كان من أصحاب سيدنا رسول الله
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، إسمه :
عمر بن الخطاب بن نوفل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي .
وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله رسول الإسلام.
أمه حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل . هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ،
ومن علماء الصحابة وزهادهم. أول من عمل بالتقويم الهجري. لقبه الفاروق. وكنيته
أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد، وقد لقب بالفاروق لانه كان يفرق بين الحق والباطل
ولايخاف في الله لومة لاإم. أنجب اثنا عشر ولدا ، ستة من الذكور هم عبد الله وعبد الرحمن
وزيد وعبيد الله وعاصم وعياض، وست من الإناث وهن حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد .
اسلامه
وظلَّ "عمر" على حربه للمسلمين وعدائه للنبي (صلى الله عليه وسلم)
حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ "عمر" يشعر بشيء من الحزن والأسى
لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه على الخلاص
من "محمد"؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين الجديد! فتوشَّح سيفه،
وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم، وبينما هو في طريقه لقي
رجلاً من "بني زهرة" فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، فقال:
أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره بإسلام أخته "فاطمة بنت الخطاب"،
وزوجها "سعيد بن زيد بن عمر" (رضي الله عنه)، فأسرع "عمر" إلى دارهما، وكان
عندهما "خبَّاب بن الأرت" (رضي الله عنه) يقرئهما سورة "طه"، فلما سمعوا صوته
اختبأ "خباب"، وأخفت "فاطمة" الصحيفة، فدخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه،
ولطم أخته فأدمى وجهها، فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره
للإسلام، وسار إلى حيث النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل
القوم، فخرج إليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف،
وقال له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل بالوليد بن المغيرة؟
فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول
الله والمسلمون، فقال عمر: يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟
قال: بلى، قال: ففيم الاختفاء؟ فخرج المسلمون في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما
رأتهم قريش أصابتها كآبة لم تصبها مثلها، وكان ذلك أول ظهور للمسلمين على المشركين،
فسمَّاه النبي (صلى الله عليه وسلم) "الفاروق" منذ ذلك العهد.
بيعة عمر
رغب ابو بكر الصديق في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ،
واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا
فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من
علانيته ، وأنه ليس فينا مثله ) وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين
ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره
قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت
أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ). ثم أخذ البيعة العامة له
بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا :
(أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني
قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة ( 13 هـ ).
الهجرة إلى المدينة
كان إسلام "الفاروق" عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين
سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل "عمر" في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه
بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها
وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى "المدينة" فرارًا بدينهم من أذى
المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أرادعمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة
فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: "من أراد أن يثكل أمه
أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".
وفي "المدينة" آخى النبي (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين "عتبان بن مالك" وقيل:
"معاذ بن عفراء"، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت تظهر جوانب
عديدة ونواح جديدة، من شخصية "عمر"، وأصبح له دور بارز في الحياة العامة في "المدينة".
موافقة القرآن لرأي عمر
تميز "عمر بن الخطاب" بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف بغيرته
الشديدة على الإسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي،
وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها: قوله للنبي صلى
الله عليه وسلم يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية
( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة: 125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك
يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب:
(وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) [الأحزاب: 53].
وقوله لنساء النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد اجتمعن عليه في الغيرة:
(عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك.
ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي "عمر" في هذه المواقف هو الذي جعل النبي
(صلى الله عليه وسلم) يقول:
"جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه". وروي عن ابن عمر: "ما نزل بالناس أمر قط
فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه".
خلافته
بويع أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة
"أبي بكر الصديق" [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].
وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة
الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق
بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي" الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون
أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر
نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي
النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن "أبا عبيدة"
لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة
وأربعة آلاف من جيش المسلمين.
ولد قبل بعثة سيدنا رسول الله الرسول بثلاثين سنة وكان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة
وثلاثين مسلماً. وامتدّت خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر وأربعة أيام.
الفاروق يواجه الخطر الخارجي
بويع أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة
"أبي بكر الصديق" [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].
وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف
الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي
عبيدة بن مسعود الثقفي" الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته،
ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا
عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا
ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن "أبا عبيدة" لم يستجب لهم، وهو ما
أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.
الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق
بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين "في موقعة الجسر" سعى "المثنى بن حارثة"
إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد
عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور
بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم "المثنى"
بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر "البويب" الذي سميت به تلك المعركة.
ووصلت أنباء ذلك النصر إلى "الفاروق" في "المدينة"، فأراد الخروج بنفسه على رأس
جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين
ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له "سعد بن أبي وقاص" فأمره "عمر" على الجيش
الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في "القادسية".
وأرسل "سعد" وفدًا من رجاله إلى "بروجرد الثالث" ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على
أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور
وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن
انتصار المسلمين في "القادسية"، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائده "رستم"،
وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت "العراق"
إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق
أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.
الطريق من المدائن إلى نهاوند
أصبح الطريق إلى "المدائن" عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر
"دجلة" واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل "سعد" القصر الأبيض
مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر
العظيم، وأرسل "سعد" إلى "عمر" يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.
بعد فرار ملك الفرس من "المدائن" اتجه إلى "نهاوند" حيث احتشد في جموع هائلة بلغت
مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع
الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان
بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى "نهاوند"، ودارت معركة كبيرة انتهت
بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر
العظيم الذي أطلق عليه "فتح الفتوح".
فتح مصر
اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء
نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في "القادسية" ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين،
واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن "عمرو بن العاص" من فتح "مصر"
في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها،
الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة "أرطبون" ثم حاصر "حصن بابليون"
حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى "الإسكندرية" ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت "مصر" كلها
جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
وكان فتح "مصر" سهلاً ميسورًا، فإن أهل "مصر" ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين،
وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان
الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.
عمر أمير المؤمنين
[كان "عمر بن الخطاب" نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام
الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية
الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه
الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أنه بينما كان يعس
بالمدينة إذا بخيمة يصدر منها أنين امرأة، فلما اقترب رأى رجلا قاعدًا فاقترب منه وسلم عليه،
وسأله عن خبره، فعلم أنه جاء من البادية، وأن امرأته جاءها المخاض وليس عندها أحد،
فانطلق عمر إلى بيته فقال لامرأته "أم كلثوم بنت علي" ـ هل لك في أجر ساقه الله إليك؟
فقالت: وما هو؟ قال: امرأة غريبة تمخض وليس عندها أحد ـ قالت نعم إن شئت فانطلقت معه،
وحملت إليها ما تحتاجه من سمن وحبوب وطعام، فدخلت على المرأة، وراح عمر يوقد النار
حتى انبعث الدخان من لحيته، والرجل ينظر إليه متعجبًا وهو لا يعرفه، فلما ولدت المرأة نادت
أم كلثوم "عمر" يا أمير المؤمنين، بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الرجل أخذ يتراجع وقد أخذته
الهيبة والدهشة، فسكن عمر من روعه وحمل الطعام إلى زوجته لتطعم امرأة الرجل، ثم قام
ووضع شيئًا من الطعام بين يدي الرجل وهو يقول له: كل ويحك فإنك قد سهرت الليل!
وكان "عمر" عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم
درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي
لنفسه منه شيئا. وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه،
وإن افتقرت أكلت بالمعروف. وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه
فوصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها
أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها. عدل عمر وورعه كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية
عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: "والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا
عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق". وكان "عمر" إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى
يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور
الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.
واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال:
اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني. وقد بلغ من شدة عدل عمر
وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر" في شرب الخمر،
نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده
"عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه
مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه
ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح:
أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه.
وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!!
إنجازات عمر الإدارية والحضارية
وقد اتسم عهد الفاروق "عمر" بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها
أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من دون الدواوين، وقد اقتبس
هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة،
وهو ما كان يطلق عليه "تمصير الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول
(صلى الله عليه وسلم) في عهده، فأدخل فيه دار "العباس بن عبد المطلب"، وفرشه بالحجارة
الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال،
وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني
عشر درهمًا على الفقراء.
فتحت في عهده بلاد الشام و العراق و فارس و مصر و برقة و طرابلس الغرب وأذربيجان و نهاوند
و جرجان. و بنيت في عهده البصرة والكوفة. وكان عمر أوّل من أخرج اليهود من الجزيرة العربية الى الشام.
مماته
كان عمر يتمنى الشهادة في سبيل الله و يدعو ربه لينال شرفها : ( اللهم أرزقني شهادة في
سبيلك و اجعل موتي في بلد رسولك)... و في ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد
طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ( غلاما للمغيرة بن شعبة ) عدة طعنات في ظهره أدت الى مماته ليلة
الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة ، و لما علم قبل وفاته
أن الذي طعنه مجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله مسلم... و دفن الى جوار سيدنا رسول الله
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم و سيدناأبي بكر الصديق في الحجرة النبوية الشريفة
الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأربعاء سبتمبر 23, 2009 8:41 am | |
| "بسم الله الرحمن الرحيم"
تعريف بـ"عثمان رضي الله عنه" :
هو عثمان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب. وهو ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنّــة..
يكنى بأبي عبد اللَّه وأبي عمرو، كني أولًا بإبنه عبد اللَّه ابن زوجته رقية بنت النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ. توفي عبد اللَّه سنة أربع من الهجرة بالغًا من العمر ست سنين.
ويقال لعثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ: (ذو النورين) لأنه تزوج رقية، وأم كلثوم، ابنتيَّ النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ.
أولاده وأزواجه : أولاده ستة عشر: تسعة ذكور، وسبع إناث، وزوجاته تسع، وقتل عثمان وعنده رملة، ونائلة، وأم البنين، وفاختة، غير أنه طلق أم البنين وهو محصور..
بعض صفاته الخُلُقية :
عُرف عثمان- رضي اللّه عنه- بالكرم ولين الطبع والزهد والقناعة، وعُرف بالحياء فـما كان يُعْرَف أحد أشد حياء منه حتى كان رسول اللّه صلى الله عليه و سلم يستحي منه إذ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"(صحيح مسلم) | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأربعاء سبتمبر 23, 2009 8:44 am | |
| عثمان بن عفان
ذي النورين
"...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"
حديث شريف
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد عام الفيـل ، نشأ في بيت كريم ذي مال وجاه
وشب على حسن السيرة والعفة والحياء فكان محبوبا في قومه أثيـرا لديهم000
إسلامه
كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا
وظل ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً وقال :
أترغب عن ملّـة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا الديـن
فقال عثمان والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه000
فكان عثمان بن عفان ممن صلى الى القبلتين ، و هاجر الهجرتين : الأولى الى الحبشة والثانية الى المدينة المنورة
وأحد العشرة المبشرين بالجنة000واختصه الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي000
حياءه
قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش
عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر
فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عثمان
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك ثيابك
فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف000قالت : فقلت يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت
لعثمان !....فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته
وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة0 "
ذو النورين
تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم
ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصاهرته وقال :
(والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان )000
مناقبه
رويَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث عدّة في ذِكْر مناقب عثمان منها000
(إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله بعد لوط)000( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان )000
000( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000
دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال :
( يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خُلُقاً )000
أوائل
كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر الى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأول من شيَّد المسجد ، وأول من خطَّ المفصَّل ، وأول من ختم القرآن في ركعة000
بئر رومة
أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك شرائه لبئر رومة
فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون الى المدينة
تمنى الرسول صلى الله عليه وسلم لو يجد من بين أصحابه من يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين
بغير ثمن وله الجنة ، فسارع عثمان -رضي الله عنه- الى اليهودي فاشتراها منه ووهبها للمسلمين000
يوم الحديبية
بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان الى قريش يوم الحديبية ، فقد بعثه الى أبي سفيان وأشراف قريش
يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً لحرمته ، فخرج عثمان الى مكة
فلقيه أبَان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه
ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش
فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
( إن شئت أن تطوف بالبيت فطف )000فقال ( ما كنت لأفعـل حتى يطوف به رسـول الله صلى الله عليه وسلم )
واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل
فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم الناس الى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة
وفيها ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بشماله على يمينه وقال( هذه يدُ عثمان )
فقال الناس هنيئاً لعثمان
جيش العسرة
ولما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تجهيز جيش غزوة تبوك الذي سمي بجيش العسرة
سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا أتم بها الألف فدعا له قائلا :
( غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة )000
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000
الخلافة
لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000
فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الجمجراوىير بن العوام
سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلميـن
فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعـه المسلمون في المسجد
بيعة عامة سنة ( 23 هـ ) ، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين000
انجازاته
استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال:
000نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار000توسيع المسجد الحرام
000وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف
ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية000
الفتوحات
فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص
ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ، ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان
ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن0000
وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين000
الفتنة
في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة
أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم
فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة
فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل
فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم
وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم
التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام000
استشهاده
وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر
وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً )
ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة
منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ، ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف
( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم
ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف
ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع000
وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا000
كانت هذه لمحة سريعة عن عثمان بن عفان -رضى الله عنه-
ثالث الخلفاء الراشدين ذى النورين
و أحد العشرة المبشرون بالجنة
و صلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأربعاء سبتمبر 23, 2009 8:48 am | |
| القصة الرابعة من قصص الصحابة : علي بن ابي طالب – كرم الله وجهه
هــــــــــــــو : علي بن ابي طالب بن عبد المطلب : ابن عم النبي صلي الله عليه وسلم ، راية المهتدين ونور المطيعين ، وإمام العادلين ، صاحب القلب العقول ، واللسان السؤول ، اقدمهم إيمانا ، وزوج فاطمة بنت رسول الله (ص)0 فضائلة : 1- قال صلي الله عليه وسلم :" من كنت مولاه فعلي مولاه " 2- وعن سعد بن أبي وقاص ، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسي ، إلا أنه لانبي بعدي " 3- يقول علي : لقد عهد الي النبي صلي الله عليه وسلم " أنه لايحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " 4- يقول احد الصحابة سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " علي مني وأنا منه ، ولايؤدي عني إلا علي " 5- وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ، وأبوهما خير منهما " 6- قال النبي صلي الله عليه وسلم " النظر الي علي عباده " صدقت يارسول الله صلي الله عليك مواقفه في الجهاد في سبيل الله : الموقف الأول : يوم بدر : في بداية غزوة بدر برز من المشركين ثلاثة هم عتبه وشيبة ابنا ربيعه ، والوليد بن عتبه ، فخرج لملاقاتهم فتية من الأنصار فنادوا : يا محمد اخرج الينا أكفاءنا من قومنا ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم " قم ياعبيده بن الحارث ، قم ياحمزة ، قم ياعلي " فبارز عبيده عتبه ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علي الوليد 0 أما حمزه لم يمهل شيبة أن قتله ، وكذلك علي قتل الوليد ، أما عبيده وعتبه فقد جرح كلاهما الاخر فكر حمزة وعلي بأسيافهما علي عتبة فأجهزوا عليه ، واحتملا صاحبهما " الموقف الثاني : يوم الخندق : خرج عمرو بن عبد ود ، وهو مقنع بالحديد فنادي من يبارز ؟ فقال علي بن ابي طالب فقال أنا له يانبي الله فقال النبي " انه عمرو ، اجلس " ثم نادي الثانية : ألا رجل يبارز ؟ وأخذ يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ؟ أفلا تبرزون إلي رجلا ؟ فقام علي وقال أنا يارسول الله فقال له النبي " اجلس " ثم نادي الثالثة فقال علي يارسول الله أنا فقال " إنه عمرو " فقال علي وإن كان عمرا فأذن له النبي صلي الله عليه وسلم ؟ قال له عمرو من انت ؟ قال انا علي بن ابي طالب قال له يابن اخي من اعمامك من هو اسن منك فإن اكره ان اريق دمك ، فقال له علي : لكني والله ، لا أكره أن اريق دمك فغضب عمرو وسل سيفه كأنه شعلة نار واخذ يتقاتلان حتي قتله علي واجهز عليه وكبروا الصحابة الله اكبر ورجع الي رسول الله متهللا0 الموقف الثالث : يوم خيبر : من المعروف عن اليهود انهم لايفضلون القتال بجيوشهم في الميادين المفتوحه تصيب ويصاب منهم إنهم يكرهون اللفاء في تلك الميادين المكشوفة ودائما دينهم الكفاح من وراء جدران ، وفي يوم خيبر كانت الراية مع علي بن ابي طالب وتحصن اليهود في حصونهم المشيدة ولما بدأ القتال شن المسلمون هجومهم علي الحصون فبدأت تتداعي تحت وطأتهم حصنا بعد حصن وخرج من هذه الحصون فارس يدعي مرحبا فنادي المسلمين من يبارز وهو ينشد : قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب اطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تحــــــرب
فبرز له علي رضي الله عنه وارضاه وهو يقول : أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندرة فضرب علي مرحبا ففلق رأسه وكان الفتح وسقطت كل الحصون وانتصر المسلمون ولقنوا اليهود درسا لاينسي
علمه : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لفاطمة : " أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما " وعن علي رضي الله عنه : قال " والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت ، وأين نزلت ، وعلي من نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ، ولسانا صادقا ناطقا " زهـــــــــــــــــــــــده طوبي للزاهدين في الدنيا – موعظة تكتب بماء الذهب علي صفحات القلوب عن نوف البكالي ، قال : " رأيت علي بن أبي طالب خرج ليلة ، فنظر الي النجوم فقال : يانوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت : بل رامق ياأمير المؤمنين ، فقال : يانوف : طوبي للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الاخرة ، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن والدعاء دثارا وشعارا ، فرضوا الدنيا علي منهاج المسيح عليه السلام يانوف ، لاتكن شاعرا ولا عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا عشارا ( قاطع الطريق الذي يأخذ عشر أموال المارة ) فإن داود عليه السلام قام في ساعة من الليل ، فقال : يالها من ساعة لايدعو فيها عبد ربه إلا استجاب له فيها ، إلا أن يكون عريفا أو شرطيا أو جابيا ، أو عشارا أو صاحب عربطة وهو الطنبور ( اداة من ادوات المعازف ) ، او صاحب كوبة ، وهو الطبل ، أو صاحب شاه وهو الشطرنج وصية أخري تكتب بأحرف من نور : من اقواله : القلوب اوعية ، فخيرها اوعاها والناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم علي سبيل النجاة ، وهمج رعاع اتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور علم ولم يلجئوا الي ركن وثيق العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، العلم ينمو علي العمل ، العلم يكسب العالم الطاعة في حياتة ، وجميل الأحدوثه بعد موته ، وضيعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقوده وأمثالهم في القلوب موجوده هاه ، إن هاهنا وأشار بيده إلي صدره ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك ، وأن تباهي الناس بعبادة ربك ، فإن احسنت حمدت الله ، وإن اسأت أستغفرت الله ولاخير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذلك بتوبة ، ورجل يسارع في الخيرات ويعمل في الدرجات ، ولايقل عملا مع التقوي وكيف يقل ما يقبل ؟ وقال رضي الله عنه : احفظوا عني خمسا لو ركبتم الإبل في طلبهن لما أصبتموهن ولأنضيتم الإبل قبل أن تدركوهن : لايرجوا عبد الا ربه ن ولايخف الا ذنبه ، ولايستحي جاهل أن يسأل عما لايعلم ، ولايستحي عالم إذا سئل عما لايعلم أن يقول : الله أعلم والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لاصبر له 0 مقتطفات من خطبه رضي الله عنه : خطب علي يوما فقال : الحمد لله ، احمده واستعينه ، وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ارسله بالهدي ودين الحق يزيح به علتكم ، وليوقظ به غفلتكم ، واعلموا أنكم ميتون ومبعوثون بعد الموت ، وموقفون علي اعمالكم ومجزيون بها ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة وكل ما فيها إلي زوال وهي بين أهلها دول وسجال ولا تدوم أهوالها ولن يسلم من شرها نزالها ، بينا اهلها منها في رخاء وسرور ، إذا هم منها في بلاء وغرور أحوال مختلفة وتارات متصرفة العيش فيها مذموم والرخاء فيها لايدوم وإنما اهلها فيها أغراض مستهدفه ترميهم بسهامها وتقصمهم بحمامها وكل حتفه فيها مقدور ، وحظه فيها موفور ..................الخ " استشهاده رضي الله عنه بعد رحلة مباركة قضاها علي كرم الله وجهه ، في الاسلام مدافعا عنه باذلا ماله ، أتاه ما يوعد من قضاء الله تعالي ومن معجزات النبوة أن النبي صلي الله عليه وسلم وصف له طريقة استشهاده !! يقول النبي صلي الله عليه وسلم : لعلي :" اشقي الناس رجلان : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك ياعلي علي هذه – يعني قرنه – حتي تبتل منك هذه من الدم ، يعني لحيته " وكان علي كرم الله وجهه يوقن بذلك ساعة الزفاف إلي جنة الخلد لما كانت الليلة التي اصيب فيها علي كرم الله وجهه أتاه ابن التياح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة وهو مضطجع متثاقل فعاد ثانية وهو كذلك ثم عاد ثالثه فقام علي يمشي وهو يقول : اشدد حيازيمك للمــــــــــــــــــــــــــــــوت *** فإن الموت لاقيكــــــــــــــــــا ولاتجـــــــــــــزع من المـــــــــــــــــــوت *** إذا حــــل بواديكـــــــــــــــــا فلما بلغ الباب الصغير شد عليه ابن ملحم فضربه في نفس المكان الذي وصفه الرسول من قبل وتحقق ما قال عن محمد بن علي أنه لما ضرب أوصي بنيه ثم لم ينطق إلا بــــ" لا إله الا الله " حتي قبض غسله ابناه الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر وصلي عليه الحسن رضي الله عنه بكاء معاوية رضي الله عنه دخل ضرار بن ضمرة الكناني علي معاوية فقال له : صف لي عليا قال او تعفيني ؟ قال لا اعفيك قال : " كان والله بعيد المدي ، شديد القوي ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه وتطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته كان والله غزير العبرة طويل الفكرة يقل كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان والله كأحدنا يدنينا إذا اتيناه ويجيبنا إذا سألناه ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ولايطيع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله فأشهد بالله لقد رايته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله وغارت نجومه يتمثل في محرابه قابضا علي لحيته يتململ تململ الملدوخ ويبكي بكاء الحزين فكأني اسمعه الآن وهو يقول :" ياربنا ياربنا يتضرع إليه ثم يقول للدنيا : "ابي تغررت ؟ أو إلي تشوفت ؟ هيهات هيهات غري غيري ، غري غيري قد طلقتك ثلاث ، فعمرك قصير ،ومحلك حقير ، وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ". فسقطت دموع معاوية علي لحيته لم يستطيع ان يملكها وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء فقال : كذلك كان أبو الحسن رحمه الله مسك الختام قال علي رضي الله عنه " كونوا في الناس كالنحلة في الطير ، إنه ليس في الطير شئ إلا وهو يستضعفها ، لو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها ن خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم ، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم ، فإن للمرء ما اكتسب ، وهو يوم القيامه مع من أحب " رحمة الله عليك يامير أمير المؤمنين رحمة الله عليك ياسيدي علي بن ابي طالب يا ابا الحسن والحسين الي جنة الخلد مع احبابك سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وابا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنكم اجمعين اعتذر عن الاطالة تمنياتي الاستفادة للجميع ولا تنسونا من خالص دعائكم | |
|
| |
صلاح سامى المدير العام
ايه رئيك فى موقع جمجرة : فكرة جديدة اظهرت بلدنا على الانترنت كيف تعرفت على موقع جمجرة : اخر انا من عائلة : بركات انا من سكان : منطقة وسط البلد الرتبة : الابراج : عدد الرسائل : 4125 تاريخ الميلاد : 22/03/1991 العمر : 33 الموقع : 01116450078 العمل/الترفيه : انسان مهم المزاج : الحمد لله نقاط : 4062 تاريخ التسجيل : 13/02/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأربعاء سبتمبر 23, 2009 11:49 am | |
| جزاك الله خيرا بجد مجهود رائع | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الخميس سبتمبر 24, 2009 9:28 am | |
| ربنا يخليك يا ميسى ان كنت فاقض الامل انى حد بيشفهه شكرآ يا نجم | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الخميس سبتمبر 24, 2009 10:36 am | |
| حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي (55 ق.هـ ـ 3 هـ)،(567 م-624 م) وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخوه من الرضاعة، كان موصوفاً بالشجاعة والقوة والبأس حتى عُرف أنه أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة.
محتويات [أخفِ] 1 نسبه الشريف 1.1 كناه 1.2 ألقابه 1.3 ميلاده وطفولته 1.4 إسلامه 1.4.1 حصار الشعب 1.4.2 هجرته 1.4.3 جهاده 2 استشهاده 2.1 قصة وفاته 2.2 التمثيل بجثته 2.3 أثر وفاته 3 رثاؤه
[عدل] نسبه الشريف أبوه سيد قريش: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤَي بن غالب بن فِهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان. وعبد المطلب هو جد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمه من سيدات بني زهرة: هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن عبد مناف بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهالة هذه هي عمة الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص. [عدل] كناه أبو عمارة. أبو يعلى. [عدل] ألقابه سيد الشهداء. أسد الله وأسد رسوله. [عدل] ميلاده وطفولته ولد في مكة المكرمة قبل عام الفيل بسنتين فهو أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، أرضعتهما ثويبة خادمة أبي لهب في فترتين متقاربتين، فنشأ—وتربى بين قومه بني هاشم سادة قريش ومكة معززاً مكرماً..
[عدل] إسلامه عن ابن إجمجراوى قال حدثني رجل من أسلم، وكان واعيه، أن أبا جهل اعترض لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه، وقال فيه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادي من نوادى قريش إلا وقف عليه وكان يومئذ مشركا على دين قومه فاستقبلته مولاة عبد الله بن جدعان فقالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي بن أخيك محمد من أبي الحكم آنفا وجده ها هنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه، فاحتمل حمزة الغضب ، فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع وإنما دخل المسجد الحرام متعمدا لأبي جهل أن يقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة شديدة شجت رأسه وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقالوا ما نراك يا حمزة إلا صبأت، فقال حمزة وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه أنا أشهد أنه رسول الله وأن الذي يقول حق فوالله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا وظل حمزة على إسلامه وتابع يخفف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه فقال في ذلك سعد حين ضرب أبا جهل فذكر رجزا غير مستقر أوله ذق أبا جهل بما غشيت قال ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان فقال أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك للموت خير لك مما صنعت فأقبل على حمزة شبة فقال ما صنعت اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن أخي إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه وأقامه مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي شديد فحدثني حديثا فقد استشهيت يابن أخي أن تحدثني فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره فألقى الله في نفسه الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد إنك لصادق شهادة المصدق والمعارف فأظهر يا بن أخي دينك فوالله ما أحب أن لي ما ألمعت الشمس وأني على ديني الأول قال فكان حمزة ممن أعز الله به الدين.
ولما أسلم حمزة قال أبياتاً منها:
حمدت الله حين هدى فؤادي... إلى الإسلام والدِّين الحنيف
لدينٌ جاء من ربٍ عزيزٍ... خبيرٍ بالعباد بهم لطيف
إذا تليت رسائله علين... تحدر دمع ذي اللب الحصيف
رسائل جاء أحمد من هداه... بآيات مبينة الحروف
وأحمد مصطفى فينا مطاع... فلا تغشوه بالقول العنيف
فلا والله نسلمه لقوم... ولما نقض فيهم بالسيوف
ونترك منهم قتلى بقاع... عليها الطير كالورد العكوف
وقد خبرت ما صنعت ثقيف... به فجزى القبائل من ثقيف
إله الناس شر جزاء قوم... ولا أسقاهم صوب الخريف
وكان إسلام حمزة في السنة الثانية من مبعث رسول الله، وقيل بل أسلم بعد دخول النبي دار الأرقم في السنة السادسة من البعثة، ونرجح الرواية الأولى لإجماع المصادر عليه.
وبعد إسلامـه، حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان أول لواء يعقد في الإسلام لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه حينما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين رجلاً من المهاجرين يعترض عيرًا لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة،ـ وفيها أبو جهل في 300 رجل، فبلغوا ساحل البحر، والتقى الجانبان، ولم يقتتلوا، ولكن المسلمين كانوا قد أثروا في معنويات قريش، إذ أنهم تخلوا عن القتال بالرغم من تفوق المشركين عليهم تفوقًا عدديا، وبهذه السرية بدأ فرض الحصار الاقتصادي على قريش بتهديد طريق مكـة ـ الشام الحيوي لتجارة قريش تهديدًا خطيرً..
[عدل] حصار الشعب في السنة السابعة من البعثة شارك حمزة قومه بني هاشم وبني المطلب الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شِعب أبي طالب وعانوا منه المشقة والعذاب، ولكنهم خرجوا منه في السنة العاشرة وهم أشد قوة وأكثر صلابة.
[عدل] هجرته ولما أمر النبي المسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر حمزة مع من هاجر إليها قبيل هجرة النبي بوقت قصير، ونزل فيها على سعد بن زرارة من بني النجار، وآخى الرسول بينه وبين زيد بن حارثة مولى رسول.
[عدل] جهاده بعد مرور سبعة شهور على الهجرة النبوية عقد رسول أول لواء لحمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين رجلاً من المهاجرين لاعتراض عير قريش القادمة من الشام إلى مكة المكرمة بقيادة أبي سفيان بن اميه في ثلاثمائة رجل، ولم يحصل بين الطرفين قتال، إذ حجز بينهما مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاً للطرفين.
شهد مع النبي غزوة ودّان -قرية قريبة من الجحفة بين مكة والمدينة- وحمل لواء الغزوة. وظهرت بطولته في معركة بدر الكبرى التي وقعت في رمضان من السنة الثانية للهجرة حيث اختاره الرسول مع عبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب لمبارزة فرسان كفار قريش: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فبارز حمزة شيبة وقتله وشارك الآخرين في قتل عتبة، كما قتل عدداً آخر من أبطال قريش منهم طعيمة بن عدي، وأبلى بلاء حسناً، وقاتل بسيفين، وكان يعلّم نفسه بريشة نعامة في صدره، وقال عنه أمية بن خلف أحد سادة قريش قبل أن يقتله المسلمون ذلك فعل بنا الأفاعيل، وقد كان حمزة بحق بطل غزوة بدر الكبرى، وبعد معركة بدر وفي شهر شوال من السنة الثانية للهجرة كان حمزة حاملاً لواء النبي لغزو يهود بني قينقاع وإجلائهم عن المدينة، وقد تجلت بطولته وشجاعته بشكل كبير في معركة أحد التي حدثت في شهر شوال سنة 3هـ، وأبلى فيها بلاء عظيماً، وقتل أكثر من ثلاثين شخصاً من الكفار، وكان يقاتل بين يدي رسول الله بسيفين كأنه الجمل الأورق.
[عدل] استشهاده استشهد حمزة بن عبد المطلب في معركة أحد.
[عدل] قصة وفاته قتله وحشي الحبشي، ولقتله قصة ذكرها وحشي حيث كان غلاماً لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر كما ذكر، فلما سارت قريش إلى أحد، قال جبير لوحشي (إن قتلت حمزة عم محمد، فأنت عتيق)، فخرج وحشي مع الناس، وكان رجلاً حبشياً يقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما يخطئ، قال وحشي: (والله إني لأنظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه ما يبقي به شيئاً مثل الجمل الأورق) إذ تقدمني إليه سبّاع بن عبد العزى، فقال له حمزة: هلمّ إليّ يا ابن مقطعة البظور، فضربه ضربة فقتله، وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه فوقعت في أسفل بطنه، حتى خرجت من بين رجليه وقضت عليه.
[عدل] التمثيل بجثته ثم إن نسوة من قريش ومنهن هند بنت عتبة التي قُتل أبوها وأخوها في معركة بدر مثّلن في جثته وبقرن بطنه، وأكلت هند من كبده فلم تستسغه فلفظته.
[عدل] أثر وفاته لما وقف عليه رسول ورآه قتيلاً بكى، فلما رأى ما مُثِّل به شهق وقال (رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات)، وقال أيضاً (لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً أغيظ إليَّ من هذا) ثم قال: (لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع)، ثم أمر بالقتلى، فجعل يصلي عليهم بسبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة، ثم يُجاء بسبعة فيكبر عليهم سبعاً حتى فرغ منهم، وقال بحقه (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب).
وكان استشهاد حمزة في منتصف شهر شوال سنة 3 هـ (624م) وله من العمر نحو (58سنة) ثم أمر رسول بحمزة فدفن في موقع المعركة في بطن جبل أحد ودفن معه ابن أخته عبد الله بن جحش وقبرهما معروف حتى اليوم وتسمى المنطقة منطقة سيد الشهداء، ولما رجع رسول الله من أحد إلى المدينة سمع بعض نساء الأنصار يبكين شهداءهن، فقال: (لكن حمزة لا بواكي له) فاجتمع نساء وبكين حمزة ولما أطلن البكاء قال : (مروهنّ لا يبكين على هالك بعد اليوم). وكانت السيدة فاطمة الزهراء تأتي قبر حمزة .. ترمه وتصلحه.
[عدل] رثاؤه رثاه عدد من الشعراء منهم عبد الله بن رواحة الذي يقول فيه:
بكت عينـي وحق لها بكاهـا ... وما يغني البكاء ولا العويـل على أسد الإله غـداة قالــوا ... أحـمزة ذاكـم الـرجل القتيل أصيب المسلمون به جميــعاً ... هناك وقد أصيب به الرسول أبـا يعلى، لك الأركان هدّت ... وأنت الماجــد البرّ الوصــول كما رثاه حسان بن ثابت في قوله :
دع عنك دارا قد عفا رسمها
وابك على حمزة ذي النائل
اللابس الخيل اذا أحجمت
كالليث في غابته الباسل
أبيض في الذروة من بني هاشم
لم يمر دون الحق بالباطل
مال شهيدا بين أسيافكم
شلت يدا وحشي من قاتل | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:33 am | |
| فحين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يؤاخي بين أصحابه في مكة قبل الهجرة، آخى بين طلحة والجمجراوىير.
وطالما كان عليه السلام يتحدث عنهما معا.. مثل قوله:
" طلحة والجمجراوىير جاراي في الجنة". وكلاهما يجتمع مع الرسول في القرابة والنسب.
أما طلحة، فيجتمع في نسبه مع الرسول في مرة بن كعب.
وأما الجمجراوىير، فيلتقي في نسبه مع الرسول في قصّي بن كلاّب كما أن أمه صفية عمة الرسول صلى الله عليه وسلم..
وكل منهما طلحة والجمجراوىير كان أكثر الناس شبها بالآخر في مقادير الحياة..
فالتماثل بينهما كبير، في النشأة، في الثراء، في السخاء، في قوة الدين، في روعة الشجاعة، وكلاهما من المسلمين المبكرين باسلامهم...
ومن العشرة الذين بشّرهم الرسول بالجنة. ومن أصحاب الشورى الستة الذين وكّل اليهم عمر اختيار الخليفة من بعده.
وحتى مصيرهما كان كامل التماثل.. بل كان مصيرا واحدا.
**
ولقد أسلم الجمجراوىير، اسلاما مبكرا، اذ كان واحدا من السبعة الأوائل الذين سارعوا الى الاسلام، وأسهموا في طليعته المباركة في دار الأرقم..
وكان عمره يومئذ خمس عشر سنة.. وهكذا رزق الهدى والنور والخير صبيا..
ولقد كان فارسا ومقداما منذ صباه. حتى ان المؤرخين ليذكرون أن أول سيف شهر في الاسلام كان سيف الجمجراوىير.
ففي الأيام الأولى للاسلام، والمسلمون يومئذ قلة يستخفون في دار الأرقم.. سرت اشاعة ذات يوم أن الرسول قتل.. فما كان من الجمجراوىير الا أن استلّ سيفه وامتشقه، وسار في شوارع مكة، على حداثة سنه كالاعصار..!
ذهب أولا يتبيّن الخبر، معتزما ان ما ألفاه صحيحا أن يعمل سيفه في رقاب قريش كلها حتى يظفر بهم أو يظفروا به..
وفي أعلى مكة لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله ماذا به....؟ فأنهى اليه الجمجراوىير النبأ.. فصلى عليه الرسول، ودعا له بالخير، ولسيفه بالغلب.
وعلى الرغم من شرف الجمجراوىير في قومه فقد حمل حظه من اضطهاد قريش وعذابها.
وكان الذي تولى تعذيبه هو عمه.. كان يلفه في حصير، ويدخن عليه بالنار كي تزهق أنفاسه، ويناديه وهو تحت وطأة العذاب:" أكفر برب محمد، أدرأ عنك العذاب".
فيجيبه الجمجراوىير الذي لم يكن يوم ذاك أكثر من فتى ناشئ، غضّ العظام.. يجيب عمه في تحدّ رهب:
" لا..
والله لا أعود لكفر أبدا"...
ويهاجر الجمجراوىير الى الحبشة، الهجرتين الأولى والثانية، ثم يعود ليشهد المشاهد كلها مع رسول الله. لا تفتقده غزوة ولا معركة.
وما أكثر الطعنات التي تلقاها جسده واحتفظ بها بعد اندمال جراحاتها، أوسمة تحكي بطولة الجمجراوىير وأمجاده..!!
ولنصغ لواحد من الصحابة رأى تلك الأوسمة التي تزدحم على جسده، يحدثنا عنها فيقول:
" صحبت الجمجراوىير بن العوّام في بعض أسفاره ورأيت جسده، فرأيته مجذّعا بالسيوف، وان في صدره لأمثال العيون الغائرة من الطعن والرمي.
فقلت له: والله لقد شهدت بجسمك ما لم أره بأحد قط.
فقال لي: أما والله ما منها جراحة الا مع رسول الله وفي سبيل الله"..
وفي غزوة أحد بعد أن انقلب جيش قريش راجعا الى مكةو ندبه الرسول هو وأبو بكر لتعقب جيش قريش ومطاردته حتى يروا أن المسلمين قوة فلا يفكروا في الرجوع الى المدينة واستئناف القتال..
وقاد أبو بكر والزبير سبعين من المسلمين، وعلى الرغم من أنهم كانوا يتعقبون جيشا منتصرا فان اللباقة الحربية التي استخدمها الصديق والزبير، جعلت قريشا تظن أنها أساءت تقدير خسائر المسلمين، وجعلتها تحسب أن هذه الطليعة القوية التي أجاد الجمجراوىير مع الصديق ابراز قوتها، وما هي الا مقدمة لجيش الرسول الذي يبدو أنه قادم ليشن مطاردة رهيبة فأغذّت قريش سيرها، وأسرعت خطاها الى مكة..!!
ويوم اليرموك كان الجمجراوىير جيشا وحده.. فحين رأى أكثر المقاتلين الذين كان على رأسهم يتقهقرون أمام جبال الروم الزاحفة، صاح هو" الله أكبر".. واخترق تلك الجبال الزاحفة وحده، ضاربا بسيفه.. ثم قفل راجعا وسط الصفوف الرهيبة ذاتها، وسيف يتوهج في يمينه لا يكبو، ولا يحبو..!!
وكان رضي الله عنه شديد الولع بالشهادة، عظيم الغرام بالموت في سبيل الله.
وكان يقول:
" ان طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء، وقد علم ألا نبي بعد محمد...
واني لأسمي بنيّ بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون".!
وهكذا سمى ولده، عبدالله بن الجمجراوىير تيمنا بالصحابي الشهيد عبدالله بن جحش.
وسمى ولده المنذر، تيمنا بالشهيد المنذر بن عمرو.
وسمى عروة تيمنا بالشهيد عروة بن عمرو.
وسمى حمزة تيمنا بالشهيد الجليل عم الرسول حمزة بن عبدالمطلب.
وسمّى جعفر، تيمنا بالشهيد الكبير جعفر بن أبي طالب.
وسمى مصعبا تيمنا بالشهيد مصعب بن عمير.
وسمى خالد تيمنا بالصحابي الشهيد خالد بن سعيد..
وهكذا راح يختار لأبنائه أسماء الشهداء. راجيا أن يكونوا يوم تأتيهم آجالهم شهداء.
ولقد قيل في تاريخه:
" انه ما ولي امارة فط، ولا جباية، ولا خراجا ولا شيئا الا الغزو في سبيل الله".
وكانت ميزته كمقاتل، تتمثل في في اعتماده التام على نفسه، وفي ثقته التامة بها.
فلو كان يشاركه في القتال مائة ألف، لرأيته يقاتل وحده في لمعركة.. وكأن مسؤولية القتال والنصر تقع على كاهله وحده.
وكان فضيلته كمقاتل، تتمثل في الثبات، وقوة الأعصاب..
رأى مشهد خاله حمزة يوم أحد وقد مثّل المشركون بجثمانه القتيل في قسوة، فوقف أمامه كالطود ضاغطا على أسنانه، وضاغطا على قبضة سيفه، لا يفكر الا في ثأر رهيب سرعان ما جاء الوحي ينهى الرسول والمسلمين عن مجرّد التفكير فيه..!!
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم مع علي ابن أبي طالب، فوقف أمام الحصن المنيع يردد مع علي قوله:
" والله لنذوقنّ ما ذاق حمزة، أو لنفتحنّ عليهم حصنهم"..
ثم ألقيا بنفسيهما وحيدين داخل الحصن..
وبقوة أعصاب مذهلة، أحكما انزال الرعب في أفئدة المتحصنين داخله وفتحا أبوابه للمسلمين..!!
ويوم حنين أبصر مالك بن عوف زعيم هوزان وقائد جيش الشرك في تلك الغزوة.. أبصره بعد هزيمتهم في حنين واقفا وسط فيلق من أصحابه، وبقايا جيشه المنهزم، فاقتحم حشدهم وحده، وشتت شملهم وحده، وأزاحهم عن المكمن الذي كانوا يتربصون فيه ببعض زعماء المسلمين، العائدين من المعركة..!!
**
ولقد كان حظه من حب الرسول وتقديره عظيما..
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يباهي به ويقول:
" ان لكل نبي حواريا وحواريي الجمجراوىير بن العوّام"..
ذلك أنه لم يكن ابن عمته وحسب، ولا زوج أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، بل كان ذلك الوفي القوي، والشجاع الأبيّ، والجوّاد السخيّ، والبائع نفسه وماله لله رب العالمين:
ولقد أجاد حسان بن ثابت وصفه حين قال:
أقام على عهد النبي وهديه
حواريّه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه
يوالي وليّ الحق، والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي
يصول، اذا ما كان يوم محجّل
له من رسول الله قربى قريبة
ومن نصرة الاسلام مجد موثّل
فكم كربة ذبّ الجمجراوىير بسيفه
عن المصطفى، والله يعطي ويجزل
**
وكان رفيع الخصال، عظيم الشمائل.. وكانت شجاعته وسخاؤه كفرسي رهان..!!
فلقد كان يدير تجارة رابحة ناجحة، وكان ثراؤه عريضا، ولكنه أنفقه في الاسلام حتى مات مدينا..!!
وكان توكله على الله منطلق جوده، ومنطلق شجاعته وفدائيته..
حتى وهو يجود بروحه، ويوصي ولده عبدالله بقضاء ديونه قال له:
" اذا أعجزك دين، فاستعن بمولاي"..
وسال عبدالله: أي مولى تعني..؟
فأجابه: الله، نعم المولى ونعم النصير"..
يقول عبدالله فيما بعد:
" فوالله ما وقعت في كربة من دينه الا قلت: يا مولى الجمجراوىير اقضي دينه، فيقضيه".
وفي يوم الجمل، كانت نهاية سيدنا الجمجراوىير ومصيره..
فبعد أن رأى الحق نفض يديه من القتال، وتبعه نفر من الذين كانوا يريدون للفتنة دوام الاشتعال، وطعنه القاتل الغادر وهو بين يدي ربه يصلي..
وذهب القاتل الى الامام علي يظن أنه يحمل اليه بشرى حين يسمعه نبأ عدوانه على الجمجراوىير، وحين يضع بين يديه سيفه الذي استلبه منه، بعد اقتراف جريمته..
لكن عليّا صاح حين علم أن بالباب قاتل الجمجراوىير يستأذن، صاح آمرا بطرده قائلا:
" بشّر قاتل ابن صفيّة بالنار"..
وحين أدخلوا عليه سيف الجمجراوىير، قبّله الامام وأمعن بالبكاء وهو يقول:
" سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله"..!!
أهناك تحيّة نوجهها للجمجراوىير في ختام حديثنا عنه، أجمل وأجزل من كلمات الامام..؟؟
سلام على الجمجراوىير في مماته بعد محياه..
سلام، ثم سلام، على حواري رسول الله... | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:38 am | |
| من سره أن ينظر إلى رجل يمشى على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم
طلحة والجمجراوىير، جاراى بالجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك كله يوم طلحة أبو بكر الصديق عن غزوة أحد
كنت أول من جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم -يوم أحد- فقال لى الرسول ولأبى عبيدة بن الجراح: دُونكم أخاكم.. ونظرنا، وإذا به -أى طلحة- بضع وسبعون طعنة وضربة رمح ورمية وإذا أُصبعه مقطوعة.. فأصلحنا من شأنه أبو بكر الصديق
لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستأنف القتال ضراوته وقسوته وطحنه، وكان للمفاجأة أثرها في تشتيت صفوف المسلمين..
وأبصر طلحة جانب المعركة التي يقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألفاه قد صار هدفا لقوى الشرك والوثنية، فسارع نحو الرسول..
وراح رضي الله عنه يجتاز طريقا ما أطوله على قصره..! طريقا تعترض كل شبر منه عشرات السيوف المسعورة وعشرات من الرماح المجنونة!!
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعيد يسيل من وجنته الدم ويتحامل على نفسه، فجنّ جنونه، وقطع طريق الهول في قفزة أو قفزتين وأمام الرسول
وجد ما يخشاه.. سيوف المشركين تلهث نحوه، وتحيط به تريد أن تناله بسوء..
مواصلة القراءة
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قرا هذه الآية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
سورة الأحزاب آية 23 فقام إليه رجل فقال يا رسول الله من هؤلاء فأقبلت وعلي ثويان أخضران فقال أيها السائل هذا منهم. | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:38 am | |
| من سره أن ينظر إلى رجل يمشى على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم
طلحة والجمجراوىير، جاراى بالجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك كله يوم طلحة أبو بكر الصديق عن غزوة أحد
كنت أول من جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم -يوم أحد- فقال لى الرسول ولأبى عبيدة بن الجراح: دُونكم أخاكم.. ونظرنا، وإذا به -أى طلحة- بضع وسبعون طعنة وضربة رمح ورمية وإذا أُصبعه مقطوعة.. فأصلحنا من شأنه أبو بكر الصديق
لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستأنف القتال ضراوته وقسوته وطحنه، وكان للمفاجأة أثرها في تشتيت صفوف المسلمين..
وأبصر طلحة جانب المعركة التي يقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألفاه قد صار هدفا لقوى الشرك والوثنية، فسارع نحو الرسول..
وراح رضي الله عنه يجتاز طريقا ما أطوله على قصره..! طريقا تعترض كل شبر منه عشرات السيوف المسعورة وعشرات من الرماح المجنونة!!
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعيد يسيل من وجنته الدم ويتحامل على نفسه، فجنّ جنونه، وقطع طريق الهول في قفزة أو قفزتين وأمام الرسول
وجد ما يخشاه.. سيوف المشركين تلهث نحوه، وتحيط به تريد أن تناله بسوء..
مواصلة القراءة
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قرا هذه الآية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
سورة الأحزاب آية 23 فقام إليه رجل فقال يا رسول الله من هؤلاء فأقبلت وعلي ثويان أخضران فقال أيها السائل هذا منهم. | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:40 am | |
| ذات يوم، والمدينة ساكنة هادئة، أخذ يقترب من مشارفها نقع كثيف، راح يتعالى ويتراكم حتى كاد يغطي الأفق.
ودفعت الريح هذه الأمواج من الغبار المتصاعد من رمال الصحراء الناعمة، فاندفعت تقترب من أبواب المدينة، وتهبّ هبوبا قويا على مسالكها. وحسبها الناس عاصفة تكنس الرمال وتذروها، لكنهم سرعان ما سمعوا وراء ستار الغبار ضجة تنبئ عن قافلة كبيرة مديدة.
ولم يمض وقت غير وجيز، حتى كانت سبعمائة راحلة موقرة الأحمال تزحم شوارع المدينة وترجّها رجّا، ونادى الناس بعضهم بعضا ليروا مشهدها الحافل، وليستبشروا ويفرحوا بما تحمله من خير ورزق..
**
وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد ترتمت الى سمعها أصداء القافلة الزاحفة..
سألت: ما هذا الذي يحدث في المدينة..؟
وأجيبت: انها قافلة لعبدالرحمن بن عوف جاءت من الشام تحمل تجارة له..
قالت أم المؤمنين:
قافلة تحدث كل هذه الرّجّة..؟!
أجل يا ام المؤمنين.. انها سبعمائة راحلة..!!
وهزت أم المؤمنين رأسها، وأرسلت نظراتها الثاقبة بعيدا، كأنها تبحث عن ذكرى مشهد رأته، أو حديث سمعته..
"أما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
رأيت عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا"..
**
عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا..؟
ولماذا لا يدخلها وثبا هرولة مع السابقين من أصحاب رسول الله..؟
ونقل بعض أصحابه مقالة عائشة اليه، فتذكر أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أكثر من مرة، وبأكثر من صيغة.
وقبل أن تفضّ مغاليق الأحمال من تجارته، حث خطاه الى بيت عائشة وقال لها: لقد ذكّرتيني بحديث لم أنسه..
ثم قال:
" أما اني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها، وأقتابها، وأحلاسها، في سبيل الله عز وجل"..
ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها في مهرجان برّ عظيم..!!
هذه الواقعة وحدها، تمثل الصورة الكاملة لحياة صاحب رسول الله عبدالرحمن بن عوف".
فهو التاجر الناجح، أكثر ما يكون النجاح وأوفاه..
وهو الثري، أكثر ما يكون الثراء وفرة وافراطا..
وهو المؤمن الأريب، الذي يأبى أن تذهب حظوظه من الدين، ويرفض أن يتخلف به ثراؤه عن قافلة الايمان ومثوبة الجنة.. فهو رضي الله عنه يجود بثروته في سخاء وغبطة ضمير..!!
**
متى وكيف دخل هذا العظيم الاسلام..؟
لقد أسلم في وقت مبكر جدا..
بل أسلم في الساعات الأولى للدعوة، وقبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ويتخذها مقرا لالتقائه بأصحابه المؤمنين..
فهو أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام..
عرض عليه أبوبكر الاسلام هو وعثمان بن عفان والجمجراوىير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، فما غمّ عليهم الأمر ولا أبطأ بهم الشك، بل سارعوا مع الصدّيق الى رسول الله يبايعونه ويحملون لواءه.
ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره، وهو نموذج باهر للمؤمن العظيم، مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يضعه مع العشرة الذين بشّرهم بالجنة.. وجعل عمر رضي الله عنه يضعه مع أصحاب الشورى الستة الذين جعل الخلافة فيهم من بعده قائلا:" لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض".
وفور اسلام عبدالرحمن بن عوف حمل حظه المناسب، ومن اضطهاد قريش وتحدّياتها..
وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة الى الحبشة هاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة، ثم هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم هاجر الى المدينة.. وشهد بدرا، وأحدا، والمشاهد كلها..
**
وكان موفقا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال:
" لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا"..!!
ولم تكن التجارة عند عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه شرها ولا احتكارا..
بل لم تكن حرصا على جمع المال شغفا بالثراء..
كلا..
انما كانت عملا، وواجبا يزيدهما النجاح قربا من النفس، ومزيدا من السعي..
وكان ابن عوف يحمل طبيعة جيّاشة، تجد راحتها في العمل الشريف حيث يكون..
فهو اذا لم يكن في المسجد يصلي، ولا في الغزو يجاهد فهو في تجارته التي نمت نموا هائلا، حتى أخذت قوافله تفد على المدينة من مصر، ومن الشام، محملة بكل ما تحتاج اليه جزيرة العرب من كساء وطعام..
ويدلّنا على طبيعته الجيّاشة هذه، مسلكه غداة هجر المسلمين الى المدينة..
لقد جرى نهج الرسول يومئذ على أن يؤاخي بين كل اثنين من أصحابه، أحدهما مهاجر من مكة، والآخر أنصاري من المدينة.
وكانت هذه المؤاخات تم على نسق يبهر الألباب، فالأنصاري من أهل المدينة يقاسم أخاه المهاجر كل ما يملك.. حتى فراشه، فاذا كان تزوجا باثنين طلق احداهما، ليتزوجها أخوه..!!
ويومئذ آخى الرسول الكريم بين عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع..
ولنصغ للصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يروي لنا ما حدث:
" .. وقال سعد لعبدالرحمن: أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالي فخذه!!
وتحتي امرأتان، فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلقها، وتتزوجها..!
فقال له عبدالرحمن بن عوف:
بارك الله لك في أهلك ومال..
دلوني على السوق..
وخرج الى السوق، فاشترى.. وباع.. وربح"..!!
وهكذا سارت حياته في المدينة، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، أداء كامل لحق الدين، وعمل الدنيا.. وتجارة رابحة ناجحة، لو رفع صاحبها على حد قوله حجرا من مكانه لوجد تحته فضة وذهبا..!!
ومما جعل تجارته ناجحة مباركة، تحرّيه الحلال، ونأيه الشديد عن الحرام، بل عن الشبهات..
كذلك مما زادها نجاخا وبركة أنها لم تكن لعبدالرحمن وحده.. بل كان لله فيها نصيب أوفى، يصل به أهله، واخوانه، ويجهّز به جيوش الاسلام..
واذا كانت الجارة والثروات، انما تحصى بأعداد رصيدها وأرباحها فان ثروة عبدالرحمن بن عوف انما تعرف مقاديرها وأعدادها بما كان ينفق منها في سبيل الله رب العالمين..!!
لقد سمع رسول الله يقول له يوما:
" يا بن عوف انك من الأغنياء..
وانك ستدخل الجنة حبوا..
فأقرض الله يطلق لك قدميك"..
ومن سمع هذا النصح من رسول الله، وهو يقرض ربه قرضا حسنا، فيضاعفه له أضعافا كثيرة.
باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار، ثم فرّقها في أهله من بني زهرة، وعلى أمهات المؤمنين، وفقراء المسلمين.
وقدّم يوما لجيوش الاسلام خمسمائة فرس، ويوما آخر الفا وخمسمائة راحلة.
وعند موته، أوصى بخمسن ألف دينار في سبيل الله، وأ،صى لكل من بقي ممن شهدوا بدرا بأربعمائة دينار، حتى ان عثمان بن عفان رضي الله عنه، أخذ نصيبه من الوصية برغم ثرائه وقال:" ان مال عبدالرحمن حلال صفو، وان الطعمة منه عافية وبركة".
**
كان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده..
وآية ذلك أنه لم يكن يشقى بجمعه ولا باكتنازه..
بل هو يجمعه هونا، ومن حلال.. ثم لا ينعم به وحده.. بل ينعم به معه أهله ورحمه واخوانه ومجتمعه كله.
ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال:
" أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله.
" ثلث يقرضهم..
وثلث يقضي عنهم ديونهم..
وثلث يصلهم ويعطيهم.."
ولم كن ثراؤه هذا ليبعث الارتياح لديه والغبطة في نفسه، لو لم يمكّنه من مناصرة دينه، ومعاونة اخوانه.
أما بعد هذا، فقد كان دائم الوجل من هذا الثراء..
جيء له يوما بطعام الافطار، وكان صائما..
فلما وقعت عيناه عليه فقد شهيته وبكى وقال:
" استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني، فكفّن في بردة ان غطت رأسه، بدت رجلاه، وان غطت رجلاه بدا رأسه.
واستشهد حمزة وهو خير مني، فلم يوجد له ما يمفن فيه الا بردة.
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وأعطينا منها ما أعطينا واني لأخشى أن نكون قد عجّلت لنا حسناتنا"..!!
واجتمع يوما نع بعض أصحابه على طعام عنده.
وما كاد الطعام يوضع أمامهم حتى بكى وسألوه:
ما يبكيك يا أبا محمد..؟؟
قال:
" لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير..
ما أرانا أخرنا لم هو خير لنا"..!!
كذلك لم يبتعث ثراؤه العريض ذرة واحدة من الصلف والكبر في نفسه.. حتى لقد قيل عنه: انه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه، ما استطاع أ، يميزه من بينهم..!! لكن اذا كان هذا الغريب يعرف طرفا من جهاد ابن عوف وبلائه، فيعرف مثلا أنه أصيب يوم أحد بعشرين جراحة، وان احدى هذه الاصابات تركت عرجا دائما في احدى ساقيه.. كما سقطت يوم أحد بعض ثناياه. فتركت همّا واضحا في نطقه وحديثه..
عندئذ لا غير، يستطيع هذا الغريب أن يعرف أن هذا الرجل الفارع القامة، المضيء الوجه، الرقيق البشرة، الأعرج، الأهتم من جراء اصابته يوم أحد هو عبدالرحمن بن عوف..!!
رضي الله عنه وأرضاه..
**
لقد عوّدتنا طبائع البشر أن الثراء ينادي السلطة...
أي أن الأثرياء يحبون دائما أن يكون لهم نفوذ يحمي ثراءهم ويضاعفه، ويشبع شهوة الصلف والاستعلاء والأنانية التي يثيرها الثراء عادة..
فاذا رأينا عبدالرحمن بن عوف في ثرائه العريض هذا، رأينا انسانا عجبا يقهر طبائع البشر في هذا المجال ويتخطاها الى سموّ فريد..!
حدث ذلك عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجود بروحه الطاهرة، ويختار ستة رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليختاروا من بينهم الخليفة الجديد..
كانت الأصابع تومئ نحو ابن عوف وتشير..
ولقد فاتحه بعض الصحابة في أنه أحق الستة بالخلافة، فقال:
" والله، لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي، ثم ينفذ بها الى الجانب الآخر أحب اليّ من ذلك"..!!
وهكذا لم يكد الستة المختارون يعقدون اجتماعهم ليختاروا أحدهم خليفة بعد الفاروق عمر حتى أنبأ اخوانه الخمسة الآخرين أنه متنازل عن الحق الذي أضفاه عمر عليه حين جعله أحد الستة الذين يختار الخليفة منهم.. وأنّ عليهم أن يجروا عملية الاختيار بينهم وحدهم أي بين الخمسة الآخرين..
وسرعان ما أحله هذا الزهد في المنصب مكان الحكم بين الخمسة الأجلاء، فرضوا أن يختار هو الخليفة من بينهم، وقال الامام علي:
" لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفك بأنك أمين في أهل السماء، وأمين في أهل الأرض"..
واختار ابن عوف عثمان بن عفان للخلافة، فأمضى الباقون اختياره.
**
هذه حقيقة رجل ثري في الاسلام..
فهل رأيتم ما صنع الاسلام به حتى رفعه فوق الثرى بكل مغرياته ومضلاته، وكيف صاغه في أحسن تقويم..؟؟
وها هو ذا في العام الثاني والثلاثين للهجرة، يجود بأنفاسه..
وتريد أم المؤمنين عائشة أن تخصّه بشرف لم تختصّ به سواه، فتعرض عليه وهو على فراش الموت أن يدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر..
ولكنه مسلم أحسن الاسلام تأديبه، فيستحي أن يرفع نفسه الى هذا الجوار...!!
ثم انه على موعد سابق وعهد وثيق مع عثمان بن مظعون، اذ تواثقا ذات يوم: أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه..
**
وبينما كانت روحه تتهيأ لرحلتها الجديدة كانت عيناه تفيضان من الدمعو ولسانه يتمتم ويقول:
" اني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال"..
ولكن سكينة الله سرعان ما تغشته، فكست وجهه غلالة رقيقة من الغبطة المشرقة المتهللة المطمئنة..
وأرهفت أذناه للسمع.. كما لو كان هناك صوت عذب يقترب منهما..
لعله آنئذ، كان يسمع صدق قول الرسول صلى الله عليه وسلم له منذ عهد بعيد:
" عبدالرحمن بن عوف في الجنة"..
ولعله كان يسمع أيضا وعد الله في كتابه..
( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا منّا ولا أذى، لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).. | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:42 am | |
| أقلقت الأنباء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما جاءته تترى بالهجمات الغادرة التي تشنها قوات الفرس على المسلمين.. وبمعركة الجسر التي ذهب ضحيتها في يوم واحد أربعة آلاف شهيد.. وبنقض أهل العراق عهودهم، والمواثيق التي كانت عليهم.. فقرر أن يذهب بنفسه لبقود جيوش المسلمين، في معركة فاصلة ضد الفرس.
وركب في نفر من أصحابه مستخلفا على المدينة علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه..
ولكنه لم يكد يمضي عن المدينة حتى رأى بعض أصحابه أن يعود، وينتدب لهذه الهمة واحدا غيره من أصحابه.. وتبنّى هذا الرأي عبد الرحمن بن عوف، معلنا أن المخاطرة بحياة أمير المؤمنين على هذا النحو والاسلام يعيش أيامه الفاصلة، عمل غير سديد..
وأمر عمر أن يجتمع المسلمون للشورى ونودي:_الصلاة جامعة_ واستدعي علي ابن أبي طالب، فانتقل مع بعض أهل المدينة الى حيث كان أمير المؤمنين وأصحابه.. وانتهى الرأي الى ما نادى به عبد الرحمن بن عوف، وقرر المجتمعون أن يعود عمر الى المدينة، وأن يختار للقاء الفرس قائدا آخر من المسلمين..
ونزل أمير المؤمنين على هذا الرأي، وعاد يسأل أصحابه:
فمن ترون أن نبعث الى العراق..؟؟
وصمتوا قليلا يفكرون..
ثم صاح عبد الرحمن بن عوف: وجدته..!!
قال عمر: فمن هو..؟
قال عبد الرحمن: "الأسد في براثنه.. سعد بن مالك الزهري.."
وأيّد المسلمون هذا الاختيار، وأرسل أمير المؤمنين الى سعد بن مالك الزهري "سعد بن أبي وقاص" وولاه امارة العراق، وقيادة الجيش..
فمن هو الأسد في براثنه..؟
من هذا الذي كان اذا قدم على الرسول وهو بين أصحابه حياه وداعبه قائلا:
"هذا خالي.. فليرني امرؤ خاله"..!!
انه سعد بن أبي وقاص.. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم..
لقد عانق الاسلام وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكرا، وانه ليتحدث عن نفسه فيقول:
" .. ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام"..!!
يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام..
ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول يتحدث فيها عن الله الأحد، وعن الدين الجديد الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم ملاذا له ولأصحابه الذين بدءوا يؤمنون به.. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسط يمينه الى رسول الله مبايعا..
وانّ كتب التاريخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحد الذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه..
ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذين أعلنوه باقناع أبي بكر ايّاهم، وهم عثمان ابن عفان، والجمجراوىير ابن العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله.
ومع هذا لا يمنع سبقه بالاسلام سرا..
وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباهي بها ويفخر..
بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك، الا بشيئين عظيمين..
أولهما: أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من رمي أيضا..
وثانيهما: أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد:
" ارم سعد فداك أبي وأمي"..
أجل كان دائما يتغنى بهاتين النعمتين الجزيلتين، ويلهج يشكر الله عليهما فيقول:
" والله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله".
ويقول علي ابن أبي طالب:
" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي"..
كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه..
اذا رمى في الحرب عدوّا أصابه.. واذا دعا الله دعاء أجابه..!!
وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له.. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوة المأثورة..
" اللهم سدد رميته.. وأجب دعوته".
وهكذا عرف بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف هو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن يدعو على أحد الا مفوّضا الى الله أمره.
من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول:
" رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والجمجراوىير فنهاه، فلم ينته، فقال له: اذن أدعو عليك، فقال ارجل: أراك تتهددني كأنك نبي..!!
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال: اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة..
فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها.. وما زالت تتخبطه حتى مات"..
ان هذه الظاهرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه.
وكذلكم كان سعد، روحه حر.. ويقينه صلب.. واخلاصه عميق.. وكان دائب الاستعانة على دعم تقواه باللقمة الحلال، فهو يرفض في اصرار عظيم كل درهم فيه اثارة من شبهة..
ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع هذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد.. اذ آتاه الله الكثير، الحلال، الطيب..
وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاهيها، قدرته في انفاقه في سبيل الله..
في حجة الوداع، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذهب الرسول يعوده، فساله سعد قائلا:
"يا رسول الله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي..؟
قال النبي: لا.
قلت: فبنصفه؟
قال النبي: لا.
قلت: فبثلثه..؟
قال النبي: نعم، والثلث كثير.. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك"..
ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء آخرين..
**
وكان سعد كثير البكاء من خشية الله.
وكان اذا استمع للرسول يعظهم، ويخطبهم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره..
وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول..
ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى همسا وسرا.. ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم:
" يطلع علينا الآن رجل من أهل الجنة"..
وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ..
وبعد حين قريب، طلع عليهم سعد بن أبي وقاص.
ولقد لاذ به فيما بعد عبد الله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى الله من عمل وعبادة، جعله أهل لهذه المثوبة، وهذه البشرى.. فقال له سعد:
" لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد..
غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوءا".
هذا هو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف..
وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم..
كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وهو يختاره لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين..
انه مستجاب الدعوة.. اذا سأل الله النصر أعطاه اياه..
زانه عفّ الطعمة.. عف اللسان.. عف الضمير..
وانه واحد من أهل الجنة.. كما تنبأ له الرسول..
وانه الفارس يوم بدر. والفارس يوم أحد.. والفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وأخرى، لا ينساها عمر ولا يغفل عن أهميتها وقيمتها وقدرها بين لخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من يتصدى لعظائم الأمور، تلك هي صلابة الايمان..
ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول..
يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله.. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أهله وذويه..
لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الهلاك..
كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياةأمه..
وحين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله اليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت..
وذهب سعد ورأى مشهد يذيب الصخر..
بيد أن ايمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لاذ، فاقترب بوجهه من وجه أمه، وصاح بها لتسمعه:
" تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء..
فكلي ان شئت أو لا تأكلي"..!!
وعدلت أمه عن عزمهتا.. ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول:
( وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)..
أليس هو الأسد في براثنه حقا..؟؟
اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه. وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائةألف من المقاتلين المدربين. المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح.. تقودهم أذكى عقول الحرب يومئذ، وأدهى دهاتها..
أجل الى هؤلاء في فيالقهم الرهيبة..خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير.. في أيديهم رماح.. ولكن في قلوبهم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباهر الى الموت و الى الشهادة..!!
والتقى الجمعان.
ولكن لا.. لم يلتق الجمعان بعد..
وأن سعدا هناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيهاته.. وها هو ذا كتاب عمر اليه يأمره فيه بالمبادرة الى القادسية، فانها باب فارس ويلقي على قلبه كلمات نور وهدى:
" يا سعد بن وهيب..
لا يغرّنّك من الله، أن قيل: خال رسول الله وصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب الا بطاعته.. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سوء.. الله ربهم، وهم عباده.. يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة. فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث الى أن فارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر."
ثم يقول له:
" اكتب اليّ بجميع أحوالكم.. وكيف تنزلون..؟
وأين يكون عدوّكم منكم..
واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظر اليكم"..!!
ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه.
وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشا وشعبا، كما لم يتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشهر وأخطر قوّادهم "رستم"..
ويكتب سعد الى عمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين:
" لا يكربنّك ما تسمع منهم، ولا ما يأتونك به، واستعن بالله، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أهل لنظر والرأي والجلد، يدعونه الى الله.. واكتب اليّ في كل يوم.."
ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلا:
" ان رستم قد عسكر ب ساباط وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا".
ويجيبه عمر مطمئنا مشيرا..
ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول الله، والسابق الى الاسلام، بطل المعارك والغزوات، والذي لا ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح.. يقف على رأس جيشه في احدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه جندي عادي.. لا غرور القوة، ولا صلف الزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه.. بل هو يلجأ الى أمير المؤمنين في المدينة وبينهما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتابا، ويتبادل معه والمعركة الكبرى على وشك النشوب، المشورة والرأي...
ذلك أن سعدا يعلم أن عمر في المدينة لا يفتي وحده، ولا يقرر وحجه.. بل يستشير الذين حوله من المسلمين ومن خيار أصحاب رسول الله.. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن يحرم جيشه، من بركة الشورى وجدواها، لا سيّما حين يكون بين أقطابها عمر الملهم العظيم..
**
وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه الى الله والى الاسلام..
ويطول الحوار بينهم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينهون الحديث معه اذ يقول قائلهم:
" ان الله اختارنا ليخرج بنا من يشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد... ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الحكام الى عدل الاسلام..
فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن قاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد الله.."
ويسأل رستم: وما وعد الله الذي وعدكم اياه..؟؟
فيجيبه الصحابي:
" الجنة لشهدائنا، والظفر لأحيائنا".
ويعود لبوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنها الحرب..
وتمتلىء عينا سعد بالدموع..
لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلا، أو تقدمت قليلا.. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته.. وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلا أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة بالغة الضراوة والقسوة..!!
فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أولوأنها استأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيها بلاءه العظيم.. أما الآن.. ولكن، لا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم علمهم ألا يقول أحدهم: لو. لأن لو هذه تعني العجز، والمؤمن القوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبدا..
عنئذ هب الأسد في براثنه ووقف في جيشه خطيبا، مستهلا خطابه بالآية الكريمة:
(بسم الله الرحمن الرحيم..
ولقد كتبنا في الجمجراوىور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)..
وبعد فراغه من خطبته، صلى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
ودوّى الكن وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعه كالسهم النافذ مشيرا الى العدو، وصاح في جنوده: هيا على بركة الله..
وصعد وهو متحاملا على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بها ويتخذها مركزا لقيادته..وفي الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة. باب داره مفتوح.. وأقل هجوم من الفرس على الدار يسقطه في أيديهم حيا أو ميتا.. ولكنه لا يرهب ولا يخاف..
دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنها في شغل، فهو من الشرفة يكبر ويصيح.. ويصدر أوامره لهؤلاء: أن تقدّموا صوب الميمنة.. ولألئك: أن سدوا ثغرات الميسرة.. أمامك يا مغيرة.. وراءهم يا جرير.. اضرب يا نعمان.. اهجم يا أشعث.. وأنت يا قعقاع.. تقدموا يا أصحاب محمد..!!
وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كل جندي فردا، جيشا بأسره..
وتهاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح.ز وتهاوت معهم الوثنية وعبادة النار..!!
وطارت فلولهم المهزومة بعد أن رأوا مصرع قائدهم وخيرة جنودهم، وطاردهم كالجيش المسلم عتى نهاوند.. ثم المدائن فدخلوها ليحملوا ايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا..!!
**
وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاء عظيما..
وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالهما مناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين، حتى تجمعن كل فلول الجيش الفارسي ويقاياه في المدائن نفسها، متأهبة لموقف أخير وفاصل..
وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانب أعدائه. فقرر أن يسلبهم هذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين المدائن نهر دجلة في موسم فيضانه وجيشانه..
هنا موقف يثبت فيه سعد حقا كما وصفه عبد الرحمن بن عوف الأسد في براثنه..!!
ان ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّران المستحيل في استبسال عظيم..!!
وهكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نهر دجلة.. وأمر بالبحث عن مخاضة في النهر تمكّن من عبور هذا النهر.. وأخيرا عثروا على مكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة..
وقبل أن يبدأ الجيش الجيش عملية المرور فطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على الضفة الأخرى التي يرابط العطو حولها.. وعندئذ جهز كتيبتين..
الأولى: واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليها عاصم ابنعمرو والثانية: اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع ابن عمرو..
وكان على جنود هاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأهوال لكي يفسحوا على الضفة الأخرى مكانا آمنا للجيش العابر على أثرهم.. ولقد أدوا العمل بمهارة مذهلة..
ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذهل له المؤرخون..
نجاحا أذهل سعد بن أبي وقاص نفسه..
وأذهل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذي أخذ يضرب كفا بكف دهشة وغبطة، ويقول:
" ان الاسلام جديد..
ذلّلت والله لهم البحار، كما ذلّل لهم البرّ..
والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوه أفواحا"..!!
ولقد كان .. وكما اقتحموا نهر دجلة أفواجا، خرجوا منه أفواجا لم يخسروا جنديا واحدا، بل لم تضع منهم شكيمة فرس..
ولقد سقط من أحد المقاتلين قدحه، فعز عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء، فنادى في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعض العابرين التقاطه..!!
وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشهد وهم يعبرون دجلة، فتقول:
[أمر سعد المسلمين أن يقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.. ثم اقتحم بفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه الماء يرى من أفواج الفرسان والمشاة، وجعل الناس يتحدثون وهم يسيرون على وجه الماء كأنهم يتحدون على وجه الأرض؛ وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ونصره ووعيده وتأييده]..!!
ويوم ولى عمر سعدا امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر.. كوّف الكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في البلاد العريضة الواسعة..
وذات يوم شكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين.. لقد غلبهم طبعهم المتمرّد، فزعموا زعمهم الضاحك، قالوا:" ان سعدا لا يحسن يصلي"..!!
ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول:
"والله اني لأصلي بهم صلاة رسول الله.. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر في الأخريين"..
ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه من فوره..
وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا:
" اأتمرني أن أعود الى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة"..؟؟
ويؤثر البقاء في المدينة..
وحين اعتدي على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، اختار من بين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليهم أمر الخليفة الجديد قائلا انه اختار ستة مات رسول الله وهو عنهم راض.. وكان من بينهم سعد بن أبي وقاص.
بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختارا لخلافة واحدا من الصحابة لاختار سعدا..
فقد قال لأصحابه وهو يودعهم ويوصيهم:
" ان وليها سعد فذاك..
وان وليه غيره فليستعن بسعد".
**
ويمتد العمر بسعج.. وتجيء الفتنة الكبرى، فيعتزلها بل ويأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا اليه شيئا من أخبارها..
وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذهب اليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ويقول له:
يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر.
فيجيبه سعد:
" أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا.. اذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، واذا ضربت به الكافر قطع"..!!
ويدرك ابن أخيه غرضه، ويتركه في عزلته وسلامه..
وحين انتهى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا:
مالك لم تقاتل معنا..؟؟
فأجابه:
" اني مررت بريح مظلمة، فقلت: أخ .. أخ..
واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني.."
فقل زعاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى:
(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت احداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله).
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية.
أجابه سعد قائلا:
" ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هرون من موسى الا أنه لا نبي بعدي".
**
وذات يوم من أيام الرابع والخمسين للهجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان هناك في داره بالعقيق يتهيأ لقاء الله.
ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول:
[ كان رأس أبي في حجري، وهو يقضي، فبكيت وقال: ما يبكيك يا بنيّ..؟؟
ان الله لا يعذبني أبدا وأني من أهل الجنة]..!!
ان صلابة ايمانه لا يوهنها حتى رهبة المةت وزلزاله.
ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق ايمان..ز واذن ففيم الخوف..؟
[ ان الله لا يعذبتي أبدا، واني من أهل الجنة].
بيد أنه يريد أن يلقى الله وهو يحمل أروع وأجمل تذكار جمعه بدينه ووصله برسوله.. ومن ثمّ فقد أشار الى خزانته ففتوحها، ثم أخرجوا منها رداء قديما قي بلي وأخلق، ثم أمر أهله أن يكفنوه فيه قائلا:
[ لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لهذا اليوم]..!!
اجل، ان ذلك الثوب لم يعد مجرّد ثوب.. انه العلم الذي يخفق فوق حياة مديدة شامخة عاشها صاحبها مؤمنا، صادقا شجاعا!!
وفوق أعناق الرجال حمل الى المدينة جثمان آخر المهاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام الى جوار ثلة طاهرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه الى الله، ووجدت أجسامهم الكادحة مرفأ لها في تراب البقيع وثراه.
**
وداعا يا سعد..!!
وداعا يا بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس الى الأبد..!! | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:44 am | |
| وقف زيد بن عمرو بن نفيل بعيداَ عن زحمة الناس يشهد قريشاً وهي تحتفل بعيد من أعيادها , فرأى الرجال يلفون العمائم السندسية الغالية , و يختالون بالبرود اليمانية الثمينة , و أبصر النساء والولدان وقد لبسوا زاهي الثياب وبديع الحلل , ونظر إلى الأنعام يقودها الموسرون , بعد أن حلوها بأنواع الزينة , ليذبحوها بين أيدي الأوثان .
فوقف مسنداً ظهره إلى جدار الكعبة وقال : يا معشر قريش ... الشاة خلقها الله , وهو الذي أنزل لها المطر من السماء فرويت , وأنبت لها العشب من الأرض فشبعت , ثم تذبحونها على غير اسمه, إني أراكم قوماً تجلهون !!
فقام إليه عمه الخطاب والد عمر بن الخطاب , فلطمه , و قال : تباً لك , مازلنا نسمع منك هذا الكلام السفيه ونحتمله , حتى نفد صبرنا, ثم أغرى به سفهاء قومه فآذوه, ولجوا في إيذائه , حتى نزح عن مكة و التجأ إلى جبل (( حراء )), فوكل به الخطاب طائفة من شباب قريش, ليحولوا بينه وبين دخول مكة, فكان لا يدخلها إلا سراً .
***
ثم إن زيد بن عمرو بن نفيل اجتمع في غفلة من قريش إلى كل من ورقة بن نوفل , وعبدالله بن جحش, وعثمان بن الحارث, و أميمة بنت عبد المطلب عمة محمد بن عبدالله, وجعلوا يتذكرون ما غرقت فيه العرب من الضلال؛ فقال زيد لأصحابه : إنكم والله لتعلمون أن قومكم ليسوا على شيء, و أنهم أخطأوا دين إبراهيم وخالفوه, فابتغوا لأنفسكم ديناً تدينون به, إن كنتم ترومون النجاة.
فهب الرجال الأربعة إلى الأحبار من اليهود والنصارى وغيرهم من أصحاب الملل,يلتمسون عندهم الحنيفية دين إبراهيم . أما ورقة بن نوفل فتنصَّر . وأما عبدالله بن جحش, وعثمان بن الحارث فلم يصلا إلى شيء . وأما زيد ين عمرو بن نفيل فكانت له قصة, فلندع له الكلام ليرويها لنا ...
***
قال زيد بن عمرو : وقفت على اليهودية والنصرانية, فأعرضت عنهما إذ لم أجد فيهما ما أطمئن إليه , وجعلت أضرب في الآفاق بحثاً عن ملة إبراهيم حتى صرت إلى بلاد الشام فذكر لي راهب عنده علم من الكتاب, فأتيته فقصصت عليه أمري, فقال : أراك تريد دين إبراهيم يا أخا مكة . قلت : نعم, ذلك ما أبغي, فقال: إنك تطلب ديناً لا يوجد اليوم, ولكن الحق ببلدك فإن الله يبعث من قومك من يجدد دين إبراهيم, فإذا أدركته فالتزمه .
فقفل زيد راجعاً إلى مكة يحث الخطى التماساً للنبي الموعود.
ولما كان في بعض طريقه بعث الله نبيه محمداً بدين الهدى والحق ؛ لكن زيداً لم يدركه إذ خرجت عليه جماعة من الأعراب فقتلته قبل أن يبلغ مكة, وتكتحل عيناه برؤية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
وفيما كان زيدٌ يلفظ أنفاسه الأخيرة رفع بصرة إلى السماء وقال : اللهم إن كنتَ حرمتني من هذا الخير فلا تحرم منه ابني (( سعيداً )) .
***
وشاء الله سبحانه أن يستجيب دعوة زيد, فما إن قام الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى الإسلام حتى كان سعيد بن زيد في طليعة من آمنوا بالله, و صدقوا رسالة نبيه . ولاغرو ؛ فقد نشاء سعيد في بيت يستنكر ما كانت عليه قريش من الضلال, ورُبِّيَ في حجر أبٍ عاش حياته وهو يبحث عن الحق ... ومات وهو يركض لاهثاً وراء الحق ... ولم يسلم سعيدٌ وحده, وإنما أسلمت معه زوجته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب.
وقد لقي الفتى القرشي من أذى قومه ما كان خليقاً أن يفتنه عن دينه ؛ ولكن قريشاً بدلاً من أن تصرفه عن الإسلام استطاع هو وزوجه أن ينتزعا منها رجلاً من أثقل رجالها وزناً, وأجلهم خطراً ...
حيث كانا سببا في إسلام عمر بن الخطاب .
***
وضع سعيد بن زيد طاقاته الفتية كلها في خدمة الإسلام إذ أنه أسلم و سنه لم تجاوز العشرين بعد, فشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المشاهد كلها إلا (( بدراً )) , فقد غاب عن ذلك اليوم لأنه كان في مهمة كلفه إياها النبي عليه الصلاة والسلام.
وأسهم مع المسلمي في استلال عرش (( كسرى )) وتقويض ملك (( قيصر )), وكانت له في كل موقعة خاض غمارها المسلمون مواقفُ غرٌّ مشهودةٌّ , وأياد بيض محمودة .
ولعل أروع بطولاته, تلك التي سجلها يوم (( اليرموك )), فلنترك له الكلام ليقص علينا طرفاً من خبر ذلك اليوم .
***
قال سعيد بن زيد : لما كان يوم (( اليرموك )) كنا أربعاً وعشرين ألفاً أو نحواً من ذلك, فخرجت لنا (( الروم )) بعشرين ومائة ألف , وأقبلوا علينا بخطى ثقيلة كأنهم الجبال تحركها أيدٍ خفيةٌ, وسار أمامهم الأساقفة والبطارقة والقسِّيسون يحملون الصلبان وهم يجهرون بالصلوات ؛ فيرددها الجيش من ورائهم وله هزيم كهزيم الرعد .
فلما رآهم المسلمون على حالهم هذه, هالتهم كثرتهم, وخالط قلوبهم شيءٌ من خوفهم. عند ذلك قام أبو عبيدة بن الجراح يحض المسلمين على القتال , فقال : عباد الله, انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ... عباد الله, اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر, ومرضاة للرب ومدحضة للعار وأشرعوا الرماح, واستتروا بالتروس, والزموا الصمت إلا من ذكر الله عز وجل في أنفسكم, حتى آمركم إن شاء الله. قال سعيد : عند ذلك, خرج رجل من صفوف المسلمين وقال لأبي عبيدة: إني أزمعت على أن أقضي أمري الساعة, فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟! فقال أبو عبيدة : نعم, تقرئه مني ومن المسلمين السلام , وتقول له: يا رسول الله, إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً .
قال سعيد : فما إن سمعت كلامه ورأيته يمتشق حسامه, و يمضي إلى لقاء أعداء الله, حتى اقتحمت إلى الأرض,
وجثوت على ركبتي, و أشرعت رمحي وطعنت أول فارس أقبل علينا, ثم وثبت على العدو وقد انتزع الله كل ما في قلبي من الخوف فثار الناس في وجوه (( الروم )) وما زالوا يقاتلونهم حتى كتب الله للمؤمنين النصر.
***
شهد سعيد بن زيد بعد ذلك فتح (( دمشق )), فلما دانت للمسلمين بالطاعة, جعله أبو عبيدة بن الجراح والياً عليها ,
فكان أول من ولي إمرة (( دمشق )) من المسلمين .
***
وفي زمن بني أمية وقعت لسعيد بن زيد حادثة ظل أهل (( يثرب )) يتحدثون بها زمناً طويلاً. ذلك أن ((أروى بنت أويس )) زعمت أن سعيداً بن زيد قد غصب شيئاً من أرضها وضمها إلى أرضه, وجعلت تلوك ذلك بين المسلمين وتتحدث به, ثم رفعت أمرها إلى (( مروان بن الحكم )) والي المدينة المنورة, فأرسل إليه مرواناً أناساً يكلمونه في ذلك, فصعب الأمر على صاحب رسول الله وقال: يرونني أظلمها !! كيف أظلمها ؟! وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : (من ظلم شبراً من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين)... اللهم إنها قد زعمت أني ظلمتها, فإن كانت كاذبةً, فأعم بصرها, و القها في بئرها الذي تنازعني فيه , وأظهر من حقي نوراً يبين للمسلمين أني لم أظلمها .
***
لم يمض على ذلك غير قليل, حتى سال وادي العقيق في المدينة بسيل لم يسل مثله قط, فكشف عن الحد الذي كانا يختلفان فيه, وظهر للمسلمين أن سعيداً كان صادقاً. ولم تلبث المرأو بعد ذلك إلا شهراً حتى عميت, وبينما هي تطوف في أرضها تلك, سقطت في بئرها .
ولاعجب في ذلك, فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( اتقوا دعوة المظلوم, فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ).
فكيف إذا كان المظلوم سعيدَ بن زيد, أحد العشرة المبشرين بالجنة ؟! | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:48 am | |
| اذا حملت المصحف بيمينك، واستقبلته بوجهك، ومضيت تتأنق في روضاته اليانعات، سورة سورة، وآية آية، فاعلم أن من بين الذين يدينونك بالشكر والعرفان على هذا الصنع العظيم، رجل كبير اسمه: زيد بن ثابت...!!
وان وقائع جمع القرآن في مصحف، لا تذكر الا ويذكر معها هذا الصحابي الجليل.. وحين تنثر زهور التكريم على ذكرى المباركين الذين يرجع اليهم فضل جمع القرآن وترتيبه وحفظه، فان حظ زيد بن ثابت من تلك الزهور، لحظ عظيم..
**
هو أنصاري من الدينة..
وكان سنّه يوم قدمها النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا، احدى عشرة سنة، وأسلم الصبي الصغير مع المسلمين من أهله، وبورك بدعوة من الرسول له..
وصحبه آباؤه معهم الى غزوة بدر، لكن رسول الله ردّه لصغر سنه وحجمه، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من اترابه الى الرسول يحملون اليه ضراعتهم كي يقبلهم في أي مكان من صفوف المجاهدين..
وكان أهلوهم أكثر ضراعة والحاحا ورجاء..
ألقى الرسول على الفرسان الصغار نظرة شاكرة، وبدا كأنه سيعتذر عن تجنيدهم في هذه الغزوة أيضا..
لكن أحدهم وهو رافع بن خديج، تقدم بين يدي رسول الله، يحمل حربة، ويحركها بيمينه حركات بارعة،وقال للرسول عليه الصلاة والسلام:
" اني كما ترى رام، أجيد الرمي فأذن لي"..
وحيا الرسول هذه البطولة الناشئة، النضرة، بابتسامة راضية، ثم أذن له..
وانتفضت عروق أترابه..
وتقدم ثانيهم وهو سمرة بن جندب، وراح يلوّح في أدب بذراعيه المفتولين، وقال بعض اهله للرسول:
" ان سمرة يصرع رافعا"..
وحيّاه الرسول بابتسامته الحانية، وأذن له..
كانت سن كل من رافع وسمرة قد بلغت الخامسة عشرة، الى جانب نموهما الجسماني القوي..
وبقي من الأتراب ستة أشبال، منهم زيد بن ثابت، وعبدالله بن عمر..
ولقد راحوا يبذلون جهدهم وضراعتهم بالرجاء تارة، وبالدمع تارة، وباستعراض عضلاتهم تارة..
لكن أعمارهم كانت باكرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة..
بدأ زيد مع اتقانه دوره كمقاتل في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة.
كانت شخصيته المسلمة المؤمنة تنمو نموّا سريعا وباهرا، فهو لم يبرع كمجاهد فحسب، بل كمثقف متنوع المزايا أيضا، فهو يتابع القرآن حفظا، ويكتب الوحي لرسوله، ويتفوق في العلم والحكمة، وحين يبدأ رسول الله في ابلاغ دعوته للعالم الخارجي كله، وارسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، يأمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فيتعلمها في وقت وجيز..
وهكذا تألقت شخصية زيد بن ثابت وتبوأ في المجتمع مكانا عليّا، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم..
يقول الشعبي:
" ذهب زيد بن ثابت ليركب، فأمسك ابن عباس بالرّكاب.
فقال له زيد: تنحّ يا ابن عم رسول الله.. فأجابه ابن عباس: لا، هكذا نصنع بعلمائنا"..
ويقول قبيصة:
" كان زيدا رأسا بالمدينة في القضاء، والفتوى والقراءة، والفرائض"..
ويقول ثابت بن عبيد:
" ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد".
ويقول ابن عباس:
" لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم"..
ان هذه النعوت التي يرددها عنه أصحابه لتزيدنا معرفة بالرجل الذي تدّخر له المقادير شرف مهمة من أنبل المهام في تاريخ الاسلام كله..
مهمة جمع القرآن..
**
منذ بدأ الوحي يأخذ طريقه الى رسول الله ليكون من المنذرين، مستهلا موكب القرآن والدعوة بهذه الآيات الرائعة..
( اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم)..
منذ تلك البداية، والوحي يصاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويخف اليه كلما ولّى وجهه شطر الله راجيا نوره وهداه..
وخلال سنوات الرسالة كلها، حيث يفرغ النبي من غزوة ليبدأ بأخرى، وحيث يحبط مكيدة وحربا، ليواجه خصومة بأخرى، وأخرى. وحيث يبني عالما جديدا بكل ما تحمله من الجدّة من معنى..
كان الوحي يتنزل، والرسول يتلو، ويبلّغ، وكان هناك ثلة مباركة تحرّك حرصها على القرآن من أول يوم، فراح بعضهم يحفظ منه ما استطاع، وراح البعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، يحتفظون بالآيات مسطورة.
وخلال احدى وعشرين سنة تقريبا، نزل القرآن خلالها آية آية، أو آيات، تلو آيات، ملبيا مناسبات النزول وأسبابها، كان أولئك الحفظة، والمسجلون، يوالون عملهم في توفيق من الله كبير..
ولم يجيء القرآن مرة واحدة وجملة واحدة، لأنه ليس كتابا مؤلفا، ولا موضوعا.
انما هو دليل أمة جديدة تبني على الطبيعة، لبنة لبنة، ويوما يوما، تنهض عقيدتها، ويتشكل قلبها، وفكرها، وارادتها وفق مشيئة الهية، لا تفرض نفسها من عل، وانما تقود التجربة البشرية لهذه الأمة في طريق الاقتناع الكامل بهذه المشيئة..
ومن ثمّ، كان لا بد للقرآن أن يجيء منجّما، ومجرأ، ليتابع التجربة في سيرها النامي، ومواقفها المتجددة. وأزماتها المتصديّة.
توافر الحفاظ، والكتبة، كما ذكرنا من قبل، على حفظ القرآن وتسجيله،وكان على رأسهم علي ابن ابي طالب، وأبيّ بن كعب، وعبدالله ابن مسعود، وعبدالله بن عباس، وصاحب الشخصية الجليلة التي نتحدث عنها الآن زيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين..
**
وبعد أن تمّ نزولا، وخلال الفترة الأخيرة من فترات تنزيله، كان الرسول يقرؤه على المسلمين.. مرتبا سوره وآياته.
وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام شغل المسلمون من فورهم بحروب الردّة..
وفي معركة اليمامة.. التي تحدثنا عنها من قبل خلال حديثنا عن خالد بن الوليد وعن زيد بن الخطاب كان عدد الشهداء من قرّاء القرآن وحفظته كبيرا.. فما كادت نار الردّة تخبو وتنطفئ حتى فزع عمر الى الخليفة أبي بكر رضي الله عنهما راغبا اليه في الحاح أن يسارعوا الى جمع القرآن قبلما يدرك الموت والشهادة بقية القرّاء والحفاظ.
واستخار الخليفة ربه.. وشاور صحبه.. ثم دعا زيد بن ثابت وقال له:
" انك شاب عاقل لا نتهمك".
وأمره أن يبدأ بجمع القرآن الكريم، مستعينا بذوي الخبرة في هذا الموضوع..
ونهض زيد بالعمل الذي توقف عليه مصير الاسلام كله كدين..!
وأبلى بلاء عظيما في انجاز أشق المهام وأعظمها، فمضى يجمع الآيات والسور من صدور الحفاظ، ومن مواطنها المكتوبة، ويقابل، ويعارض، ويتحرّى، حتى جمع القرآن مرتبا ومنسقا..
ولقد زكّى عمله اجماع الصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا يسمعونه من رسولهم صلى الله عليه وسلم خلال سنوات الرسالة جميعها، لا سيّما العلماء منهم والحفاظ والكتبة..
وقال زيد وهو يصوّر الصعوبة الكبرى التي شكلتها قداسة المهمة وجلالها..
" والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون عليّ مما أمروني به من جمع القرآن"..!!
أجل..
فلأن يحمل زيد فوق كاهله جبلا، أو جبالا، أرضى لنفسه من أن يخطئ أدنى خطأ، في نقل آية أو اتمام سورة..
كل هول يصمد له ضميره ودينه.. الا خطأ كهذا مهما يكن ضعيفا وغير مقصود..
ولكن توفيق الله كان معه، كان معه كذلك وعده القائل:
( انا نحن نزلنا الذكر وان له لحافظون)..
فنجح في مهمته، وأنجز على خير وجه مسؤوليته وواجبه.
**
كانت هذه هي المرحلة الأولى في جمع القرآن..
بيد أنه جمع هذه المرة مكتوبا في أكثر من مصحف..
وعلى لرغم من أن مظاهر التفاوت والاختلاف بين هذه المصاحف كانت شكلية، فان التجربة أكّدت لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وجوب توحيدها جميعها في مصحف واحد.
ففي خلافة عثمان رضي الله عنه، والمسلمون يواصلون فتوحاتهم وزحوفهم، مبتعدين عن المدينة، مغتربين عنها..
في تلك الأيام، والاسلام يستقبل كل يوم أفواجا تلو أفواج من الداخلين فيه، المبايعين اياه، ظهر جليّا ما يمكن أن يفضي اليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين والأولين..
هنالك تقدم الى الخليفة عثمان فريق من الأصحاب رضي الله عنهم على رأسهم حذيفة بن اليمان مفسرين الضرورة التي تحتم توحيد المصحف..
واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه..
وكما استنجد أبو بكر الصديق من قبل بزيد بن ثابت، استنجد به عثمان أيضا..
فجمع زيد أصحابه وأعوانه، وجاؤوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر رضي الله عنها، وكانت محفوظة لديها، وباشر زيد وصحبه مهمتهم العظيمة الجليلة..
كان كل الذين يعاونون زيدا من كتاب الوحي، ومن حفظة القرآن..
ومع هذا فما كانوا يختلفون ، وقلما كانوا يختلفون، الا جعلوا رأي زيد وكلمته هي الحجة والفيصل.
**
والآن نحن نقرأ القرآن العظيم ميسّرا، أو نسمعه مرتلا، فان الصعوبات الهائلة التي عاناها الذين اصطنعهم الله لجمعه وحفظه لا تخطر لنا على بال..!!
تماما مثل الأهوال التي كابدوها، والأرواح التي بذلوها، وهم يجاهدون في سبيل الله، ليقرّوا فوق الأرض دينا قيّما، وليبددوا ظلامها بنوره المبين.. | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:49 am | |
| وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يودع جيش الاسلام الذاهب لملاقاة الروم في غزوة مؤتة ويعلن أسماء أمراء الجيش الثلاثة، قائلا:
" عليكم زيد بن حارئة.. فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب.. فان أصيب جعفر، فعبدالله بن رواحة".
فمن هو زيد بن حارثة"..؟؟
من هذا الذي حمل دون سواه لقب الحبّ.. حبّ رسول الله..؟ أما مظهره وشكله، فكان كما وصفه المؤرخون والرواة:
" قصير، آدم، أي أسمر، شديد الأدمة، في أنفه فطس"..
أمّا نبؤه، فعظيم جدّ عظيم..!!
**
أعدّ حارثة أبو زيد الراحلة والمتاع لزوجته سعدى التي كانت تزمع زيارة أهلها في بني معن.
وخرج يودع زوجته التي كانت تحمل بين يديها طفلهما الصغير زيد بن حارثة، وكلما همّ أن يستودعهما القافلة التي خرجت الزوجة في صحبتها ويعود هو الى داره وعمله، ودفعه حنان خفيّ وعجيب لمواصلة السير مع زوجته وولده..
لكنّ الشقّة بعدت، والقافلة أغذّت سيرها، وآن لحارثة أن يودّع الوليد وأمّه، ويعود..
وكذا ودّعهما ودموعه تسيل.. ووقف طويلا مسمرا في مكانه حتى غابا عن بصره، وأحسّ كأن قلبه لم يعد في مكانه.. كأنه رحل مع الراحلين..!!
**
ومكثت سعدى في قومها ما شاء الله لها أن تمكث..
وذات يوم فوجئ الحيّ، حي بني معن، باحدى القبائل المناوئة له تغير عليه، وتنزل الهزيمة ببني معن، ثم تحمل فيما حملت من الأسرى ذلك الطفل اليفع، زيد بن حارثة..
وعادت الأم الى زوجها وحيدة.
ولم يكد حارثة يعرف النبأ حتى خرّ صعقا، وحمل عصاه على كاهله، ومضى يجوب الديار، ويقطع الصحارى، ويسائل القبائل والقوافل عن ولده وحبّة قلبه زيد، مسايّا نفسه، وحاديا ناقته بهذا الشعر الذي راح ينشده من بديهته ومن مآقيه:
بكيت على زيد ولم ادر ما فعل
أحيّ فثرجى؟ أم أتى دونه الأجل
فوالله ما أدري، واني لسائل
أغالك بعدي السهل؟ أم غالك الجبل
تذكرينه الشمس عنج طلوعها
وتعرض ذكراه اذا غربعها أفل
وان هبّت الأرواح هيّجن ذكره
فيا طول حزني عليه، ويا وجل
**
كان الرّق في ذلك الزمان البعيد يفرض نفسه كظرف اجتماعي يحاول أن يكون ضرورة..
كان ذلك في أثينا، حتى في أزهى عصور حريّتها ورقيّها..
وكذلك كان في روما..
وفي العالم القديم كله.. وبالتالي في جزيرة العرب أيضا..
وعندما اختطفت القبيلة المغيرة على بني معن نصرها، وعادت حاملة أسراها، ذهبت الى سوق عكاظ التي كانت منعقدة أنئذ، وباعوا الأسرى..
ووقع الطفل زيد في يد حكيم بن حزام الذي وهبه بعد أن اشتراه لعمته خديجة.
وكانت خديجة رضي الله عنها، قد صارت زوجة لمحمد بن عبدالله، الذي لم يكن الوحي قد جاءه بعد. بيد أنه كان يحمل كل الصفات العظيمة التي أهلته بها الأقدار ليكون غدا من المرسلين..
ووهبت خديجة بدورها خادمها زيد لزوجها رسول اله فتقبله مسرورا وأعتقه من فوره،وراح يمنحه من نفسه العظيمة ومن قلبه الكبير كل عطف ورعاية..
وفي أحد مواسم الحج. التقى تفر من حيّ حارثة بزيد في مكة، ونقلوا اليه لوعة والديه، وحمّلهم زيد سلامه وحنانه وشوقه لأمه وأبيه، وقال للحجّاج من قومه"
" أخبوا أبي أني هنا مع أكرم والد"..
ولم يكن والد زيد يعلم مستقر ولده حتى أغذّ السير اليه، ومعه أخوه..
وفي مكة مضيا يسألان عن محمد الأمين.. ولما لقياه قالا له:
"يا بن عبدالمطلب..
يا لن سيّد قومه، أنتم أهل حرم، تفكون العاني، وتطعمون الأسير.. جئناك في ولدنا، فامنن علينا وأحسن في فدائه"..
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم تعلق زيد به، وكان في نفس الوقت يقدّر حق ابيه فيه..
هنالك قال حارثة:
"ادعوا زيدا، وخيّروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء.. وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء"..!!
وتهلل وجه حارثة الذي لك يكن يتوقع كل هذا السماح وقال:
" لقد أنصفتنا، وزدتنا عن النصف"..
ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم الى زيد، ولما جاء سأله:
" هل تعرف هؤلاء"..؟
قال زيد: نعم.. هذا أبي.. وهذا عمّي.
وأعاد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ما قاله لحارثة.. وهنا قال زيد:
" ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت الأب والعم"..!!
ونديت عينا رسول الله بدموعشاكرة وحانية، ثم أمسك بيد زيد، وخرج به الى فناء الكعبة، حيث قريش مجتمعة هناك، ونادى الرسول:
" اشهدوا أن زيدا ابني.. يرثني وأرثه"..!!
وكاد قلب حارثة يطير من الفرح.. فابنه لم يعد حرّا فحسب، بل وابنا للرجل الذي تسمّيه قريش الصادق الأمين سليل بني هاشم وموضع حفاوة مكة كلها..
وعاد الأب والعم الى قومهما، مطمئنين على ولدهما والذي تركاه سيّدا في مكة، آمنا معافى، بعد أن كان أبوه لا يدري: أغاله السهل، أم غاله الجبل..!!
**
تبنّى الرسول زيدا.. وصار لا يعرف في مكة كلها الا باسمه هذا زيد بن محمد..
وفي يوم باهر الشروق، نادى الوحي محمدا:
( اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علّم الانسان ما لم يعلم)...
ثم تتابعت نجاءاته وكلماته:
( يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربّك فكبّر)...
(يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربك، وان لم تفعل فما بلّغت رسالته، والله يعصمك من الناس، ان الله لايهدي القوم الكافرين)...
وما ان حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعة الرسالة حتى كان زيد ثاني المسلمين.. بل قيل انه كان أول المسلمين...!!
**
أحبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا عظيما، وكان بهذا الحب خليقا وجديرا.. فوفاؤه الذي لا نظير له، وعظمة روحه، وعفّة ضميره ولسانه ويده...
كل ذلك وأكثر من ذلك كان يزين خصال زيد بن حارثة أو زيد الحبّ كما كان يلقبه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام..
تقول السيّدة عائشة رضي الله عنها:
" ما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم في جيش قط الا أمّره عليهم، ولو بقي حيّا بعد رسول الله لاستخلفه...
الى هذا المدى كانت منزلة زيد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فمن كان زيد هذا..؟؟
انه كما قلنا ذلك الطفل الذي سبي، ثم بيع، ثم حرره الرسول وأعتقه..
وانه ذلك الرجال القصير، الأسمر، الأفطس الأنف، بيد أنه أيضا ذلك الانسان الذي" قلبه جميع وروحه حر"..
ومن ثم وجد له في الاسلام، وفي قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى منزلة وأرفع مكان، فلا الاسلام ولا رسوله من يعبأ لحظه بجاه النسب، ولا بوجاهة المظهر.
ففي رحاب هذا الدين العظيم، يتألق بلال، ويتألق صهيب، ويتألق عمار وخبّاب وأسامة وزيد...
يتألقون جميعا كأبرا، وقادة..
لقد صحح الاسلام قيم الاسلام، قيم الحياة حين قال في كتابه الكريم:
( انّ أكرمكم عند الله أتقاكم)...
وفتح الأبواب والرحاب للمواهب الخيّرة، وللكفايات النظيفة، الأمينة، المعطية..
وزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا من ابنة عمته زينب، ويبدو أن زينب رضي الله عنها قد قبلت هذا الزواج تحت وطأة حيائها أن ترفض شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ترغب بنفسها عن نفسه..
ولكن الحياة الزوجية أخذت تتعثر، وتستنفد عوامل بقائها، فانفصل زيد عن زينب.
وحمل الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤوليته تجاه هذا الزواج الذي كان مسؤولا عن امضائه، والذي انتهى بالانفصال، فضمّ ابنة عمته اليه واختارها زوجة له، ثم اختار لزيد زوجة جديدة هي أم كلثوم بنت عقبة..
وذهب الشنئون يرجفون المدينة: كيف يتزوّج محمد مطلقة ابنه زيد؟؟
فأجابهم القرآن مفرّقا بين الأدعياء والأبنياء.. بين التبني والبنّوة، ومقررا الغاء عادة التبني، ومعلنا:
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبين).
وهكذا عاد لزيد اسمه الأول:" زيد بن حارثة".
**
والآن..
هل ترون هذه اقوات المسلمة الخارجة الى معارك، الطرف، أو العيص، وحسمي، وغيرها..
ان أميرها جميعا، هو زيد بن حارثة..
فهو كما سمعنا السيدة عائشة رضي الله عنها تقول:" لم يبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في جيش قط، الا جعله أميرا هلى هذا الجيش"..
حتى جاءت غزوة مؤتة..
كان الروم بأمبراطوريتهم الهرمة، قد بدأوا يوجسون من الاسلام خيفة..بل صاروا يرون فيها خطرا يهدد وجودهم، ولا سيما في بلاد الشام التي يستعمرونها، والتي تتاخم بلاد هذا الدين الجديد، المنطلق في عنفوان واكتساح..
وهكذا راحوا يتخذون من الشام نقطة وثوب على الجزيرة العربية، وبلاد الاسلام...
**
وأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم هدف المناوشات التي بدأها الروم ليعجموا بها عود الاسلام، فقرر أن يبادرهم، ويقنعهم بتصميم الاسلام الى أرض البلقاء بالشام، حتى اذا بلغوا تخومها لقيتهم جيوش هرقل من الروم ومن القبائل المستعربة التي كانت تقطن الحدود..
ونزل جيش الروم في مكان يسمّى مشارف..
في حين نزل جيش الاسلام يجوار بلدة تسمّى مؤتة، حيث سمّيت الغزوة باسمها...
**
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرك أهمية هذه الغزوة وخطرها فاختار لها ثلاثة من الرهبان في الليل، والفرسان في النهار..
ثلاثة من الذين باعوا أنفسهم لله فلم يعد لهم مطمع ولا أمنية الا في استشهاد عظيم يصافحون اثره رضوان الله تعالى، ويطالعون وجهه الكريم..
وكان هؤلاء الثلاثة وفق ترتيبهم في امارة الجيش هم:
زيد بن حارثة،
جعفر بن أبي طالب،
عبدالله بن رواحة.
رضي الله عنهم وأرضاهم، ورضي الله عن الصحابوة أجمعين...
وهكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وقف يودّع الجيش يلقي أمره السالف:
" عليكم زيد بن حارثة..
فان أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب،...
فان أصيب جعفر، فعبدالله بن رواحة"...
وعلى الرغم من أن جعفر بن أبي طالب كان من أقرب الناس الى قلب ابن عمّه رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وعلى الرغم من شجاعته، وجسارته، وحسبه ونسبه، فقد جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمير التالي لزيد، وجعل زيدا الأمير الأول للجيش...
وبمثل هذا، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر دوما حقيقة أن الاسلام دين جديد جاء يلغي العلاقات الانسانية الفاسدة، والقائمة على أسس من التمايز الفارغ الباطل، لينشئ مكانها علاقات جديدة، رشيدة، قوامها انسانية الانسان...!!
**
ولكأنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ غيب المعركة المقبلة حين وضع امراء الجيش على هذا الترتيب: زيد فجعفر، فابن رواحة.. فقد لقوا ربّهم جميعا وفق هذا الترتيب أيضا..!!
ولم يكد المسلمون يطالعون جيش الروم الذي حزروه بمائتي ألف مقاتل حتى أذهلهم العدد الذي لم يكن لهم في حساب..
ولكن متى كانت معارك الايمان معارك كثرة..؟؟
هنالك أقدموا ولم يبالوا.. وأمامهم قائدهم زيد حاملا راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقتحما رماح العدو ونباله وسيوفه، لا يبحث عن النصر، بقدر ما يبحث عن المضجع الذي ترسو عنده صفقته مع الله الذي اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
لم يكن زيد يرى حواليه رمال البلقاء، ولا جيوش الروم بل كانت روابي الجنة، ورفرفها الأخضر، تخفق أمام عينيه كالأعلام، تنبئه أن اليوم يوم زفافه..
وكان هو يضرب، ويقاتل، لا يطوّح رؤوس مقاتليه، انما يفتح الأبواب، ويفضّ الأغلاق التي تحول بينه وبين الباب الكبير الواسع، الي سيدلف منه الى دار السلام، وجنات الخلد، وجوار الله..
وعانق زيد مصيره...
وكانت روحه وهي في طريقها الى الجنة تبتسم محبورة وهي تبصر جثمان صاحبها، لا يلفه الحرير الناعم، بل يضخّمه دم طهور سال في سبيل الله..
ثم تتسع ابتساماتها المطمئنة الهانئة، وهي تبصر ثاني الأمراء جعفرا يندفع كالسهم صوب الراية ليتسلمها، وليحملها قبل أن تغيب في التراب.... | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الجمعة سبتمبر 25, 2009 5:52 am | |
| عرف زيد بن سهل النجاري المكنى بأبي طلحة، أن "الرميصاء بنت ملحان النجارية" المكناة بأم سليم قد غدت أيما بعد أن توفي عنها زوجها، فاستطار فرحا لهذا الخبر.
و لا غرو فقد كانت أم سليم سيدة حصانا رزانا راجحة العقل مكتملة الصفات.
فعزم على أن يبادر إلى خطبتها قبل أن يسبقه إليها أحد ممن يطمحون إلى أمثالها من النساء... و كان أبو طلحة على ثقة من أن أم سليم لن تؤثر عليه أحدا من طالبيها...
فهو رجل مكتمل الرجولة مرموق المنزلة طائل الثروة...
و هو إلى ذلك فارس بني "النجار"، و أحد رماة "يثرب" المعدودين.
* * *
مضى أبو طلحة إلى بيت أم سليم...
و فيما هو في بعض طريقه تذكر أن أم سليم قد سمعت من كلام هذا الداعية المكي مصعب بن عمير، فآمنت بمحمد و اتبعت دينه.
لكنه ما لبث أن قال في نفسه: و ما في ذلك؟... ألم يكن زوجها الذي توفى مستمسكا بدين آبائه، نائيا بجانبه عن محمد و دعوة محمد؟!.
بلغ أبو طلحة منزل أم سليم، و استأذن عليها، فأذنت له، و كان ابنها أنس حاضرا، فعرض نفسه عليها... فقالت:
"إن مثلك يا أبا طلحة لا يرد، و لكني لن أتزوجك فأنت رجل كافر..."
فظن أبو طلحة أن أم سليم تتعلل عليه بذلك، و أنها قد آثرت عليه رجلا آخر أكثر منه مالا، أو أعز نفرا.
فقال لها: "والله ما هذا الذي يمنعك مني يا أم سليم."
قالت: "و ما الذي يمنعني إذن؟!."
قال: "الأصفر و الأبيض... الذهب و الفضه..."
قالت: "الذهب و الفضه؟!."
قال: "نعم".
قالت: "بل إني أشهدك يا أبا طلحة و أشهد الله و رسوله أنك إن أسلمت رضيت بك زوجا من غير ذهب و لا فضة، و جعلت إسلامك لي مهرا..."
فما إن سمع أبو طلحة كلام أم سليم حتى انصرف ذهنه إلى صنمه الذي اتخذه من نفيس الخشب، و خص به نفسه كما كان يفعل السادة من قومه.
لكن أم سليم أرادت أن تطرق الحديد و هو ما زال حاميا فأتبعت تقول: "ألست تعلم يا أبا طلحة أن إلهك الذي تعبده من دون الله قد نبت من الأرض؟!."
فقال: "بلى".
قالت: "أفلا تشعر بالخجل و أنت تعبد جذع شجرة جعلت بعضه لك إلها بينما جعل غيرك بعضه الآخر وقودا له، يصطلي بناره أو يخبز عليه عجينه... إنك إن أسلمت – يا أبا طلحة – رضيت بك زوجا، و لا أريد منك صداقا غير الإسلام."
قال: "و من لي بالإسلام؟."
قالت: "أنا لك به."
قال: "و كيف؟."
قالت: "تنطق بكلمة الحق فتشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، ثم تمضي إلى بيتك فتحطم صنمك ثم ترمي به."
فانطلقت أسارير أبي طلحة و قال: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله... ثم تزوج من أم سليم...
فكان المسلمون يقولون: ما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم... فقد جعلت صداقها الإسلام...
* * *
منذ ذلك اليوم انضوى أبو طلحة تحت لواء الإسلام، و وضع طاقاته الفذة كلها في خدمته...
فكان أحد السبعين الذين بايعوا رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بيعة العقبة و معه زوجه أم سليم.
و كان أحد النقباء الاثني عشر الذين أمرهم الرسول عليه السلاه و السلام في تلك الليله على مسلمي "يثرب".
ثم أنه شهد مع رسول الله – صلى الله عليه و سلم – مغازيه كلها، و أبلى فيها أشرف البلاء و أعزه.
لكن أعظم أيام أبي طلحة مع رسول الله – صلى الله عليه و سلم – إنما هو يوم "أحد".
و إليك خبره في ذلك اليوم.
* * *
أحب أبو طلحة رسول الله – صلى الله عليه و سلم – حبا خالط شغاف قلبه، و جرى مجرى الدم من عروقه، فكان لا يشبع من النظر إليه، و لا يرتوي من الاستماع إلى عذب حديثه... و كان إذا بقي معه جثا بين يديه، و قال له:
"نفسي لنفسك الفداء، و وجهي لوجهك الوقاء."
فلما كان يوم "أحد" انكشف المسلمون عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فنفد إليه المشركون من كل جانب، فكسروا رباعيته، و شجوا جبينه، و جرحوا شفته، و أسالوا الدم على وجهه...
و حتى إن المرجفين أرجفوا بأن محمدا قد قتل، فازداد المسلمون وهنا على وهن، و أعطوا ظهورهم لأعداء الله.
عند ذلك لم يثبت مع رسول الله – صلى الله عليه و سلم – غير نفر قليل في طليعتهم أبو طلحة.
* * *
انتصب أبو طلحة أمام رسول الله صلوات الله عليه كالطواد الراسخ بينما وقف النبي عليه الصلاة و السلام خلفه يتترس به...
ثم وتر أبو طلحة قوسه التي لا تفل، و ركب عليها سهامه التي لا تخطئ، و جعل يذود بها عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ، و يرمي جنود المشركين واحدا إثر واحد.
و كان النبي عليه الصلاة و السلام يتطاول من خلف أبي طلحة ليرى مواقع سهامه، فكان يرده خوفا عليه و يقول له:
"بأبي أنت و أمي، لا تشرف عليهم فيصيبوك...
إن نحري دون نحرك و صدري دون صدرك، و جعلت فداك..."
و كان الرجل من جند المسلمين يمر برسول الله – صلى الله عليه و سلم – هاربا و معه الجعبة من السهام، فينادي عليه النبي – صلى الله عليه و سلم – و يقول له:
(انثر سهامك بين يدي أبي طلحه ولا تمض بها هاربا).
و ما زال أبو طلحه ينافح عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – حتى كسر ثلاث أقواس، و قتل ماشاء الله أن يقتل من جنود المشركين.
ثم انجلت المعركة، و سلم الله نبيه و صانه بصونه.
* * *
و كما كان أبو طلحة جواداً بنفسه في سبيل الله في ساعات البأس، فقد كان أكثر جوداً بماله في مواقف البذل...
و من ذلك أنه كان له بستان من نخيل و أعناب لم تعرف "يثرب" بستانا أعظم منه شجرا، و لا أطيب ثمرا، و لا أعذب ماء.
و فيما كان أبو طلحة يصلي تحت أفيائة الظليلة، أثار انتباهه طائر غرد أخضر اللون أحمر المنقار، مخضب الرجلين...
وقد جعل يتواثب على أفنان الأشجار طربا مغردا متراقصا... فأعجبه منظره، و سبح بفكره معه...
ثم ما لبث أن رجع إلى نفسه، فإذا هو لا يذكر كم صلى؟!...
ركعتين... ثلاثا... لا يدري...
فما أن فرغ من صلاته حتى غدا على رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و شكا له نفسه التي صرفها البستان، و شجره الوارف، و طيره الغرد عن الصلاة...
ثم قال له: "اشهد يا رسول الله أني جعلت هذا البستان صدقة لله تعالى... فضعه حيث يحب الله و رسوله..."
* * *
عاش أبو طلحة حياته صائما مجاهدا...
و مات كذلك صائما مجاهدا...
فقد أثر عنه أنه بقي بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه و سلم – نحوا من ثلاثين عائما صائما لم يفطر إلا في أيام الأعياد حيث يحرم الصيام...
و أنه امتدت به الحياة حتى غدا شيخا فانيا، لكن شيخوخته لم تحل دونه و دون مواصلة الجهاد في سبيل الله، و الضرب في فجاج الأرض إعلاء لكلمته، و إعزازا لدينه.
من ذلك أن المسلمين عزموا على غزوة في البحر في خلافة عثمان بن عفان.
فأخذ أبو طلحة يعد نفسه للخروج مع جيش المسلمين، فقال له أبناؤه:
"يرحمك الله يا أبانا، لقد صرت شيخا كبيرا، و قد غزوت مع رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و أبي بكر و عمر، فهلا ركنت إلى الراحة، و تركتنا نغزو عنه."
فقال: "إن الله عز و جل يقول: (انفروا خفافا و ثقالا). فهو قد استنفرنا جميعا... شيوخا و شبانا، و لم يحدد لنا سنا."
ثم أبى إلا الخروج...
* * *
و بينما كان الشيخ المعمر أبو طلحة على ظهر السفينة مع جند المسلمين في وسط البحر، مرض مرضا شديدا فارق على إثره الحياة.
فطفق المسلمون يبحثون له عن جزيرة ليدفنوه فيها، فلم يعثروا على مبتغاهم إلا بعد سبعة أيام، و أبو طلحة مسجى بينهم لم يتغير فيه شيء كأنه نائم.
و في عرض البحر...
بعيدا عن الأهل و الوطن...
نائيا عن العشير و السكن...
دفن أبو طلحة...
و ماذا يضيره بعده عن الناس، مادام قريبا من الله عز و جل... | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأحد سبتمبر 27, 2009 7:14 am | |
| بلال بن رباح الحبشي ، هذا الرجل شديد السمرة ، النحيف الناحل ، المفرط الطول الكث الشعر ، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه ، الا ويحني رأسه ويغض طرفه ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل :( انما أنا حبشي000كنت بالأمس عبدا )000 ذهب يوما -رضي الله عنه- يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما :( أنا بلال وهذا أخي ، عبدان من الحبشة ، كنا ضالين فهدانا الله ، وكنا عبدين فأعتقنا الله ، ان تزوجونا فالحمد لله ، وان تمنعونا فالله أكبر )000
نسبه واسلامه
انه حبشي من أمة سوداء ، عبدا لأناس من بني جمح بمكة ، حيث كانت أمه احدى امائهم وجواريهم000ولقد بدأت أنباء محمد تنادي سمعه ، حين أخذ الناس في مكة يتناقلوها ، وحين كان يصغي الى أحاديث سادته وأضيافهم ،وذات يوم يبصر بلال نور الله ، ويسمع في أعماق روحه الخيرة رنينه ، فيذهب الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويسلم 000 ولا يلبث خبر اسلامه أن يذيع ، وتدور الأرض برءوس أسياده من بني جمح ،وتجثم شياطين الأرض فوق صدر أمية بن خلف الذي رأى في اسلام عبد من عبدانهم لطمة جللتهم بالخزي والعار ، ويقول أمية لنفسه :( 000ان شمس هذا اليوم لن تغرب الا ويغرب معها اسلام هذا العبد الآبق000) 000
العذاب و الحرية
لقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها الى جهنم قاتلة ، فيطرحونه على حصاها الملتهب وهو عريان ، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال ويلقون به فوقه ، ويصيح به جلادوه :( اذكر اللات والعزى )000 فيجيبهم :( أحد000أحد )000 واذا حان الأصيل أقاموه ، وجعلوا في عنقه حبلا ، ثم أمروا صبيانهم أن يطوفوا به جبال مكة وطرقها ، وبلال -رضي الله عنه- لا يقول سوى أحد000أحد )00 ويذهب اليهم أبوبكر الصديق وهم يعذبونه ، ويصيح بهم : ( أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ؟ ) 000 ثم يصيح في أمية :( خذ أكثر من ثمنه واتركه حرا )000 وباعوه لأبي بكر الذي حرره من فوره ، وأصبح بلال من الرجال الأحرار 000
غزوة بدر
و بعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين الى المدينة ،يشرع الرسول للصلاة آذانها000ويختار بلال -رضي الله عنه- ليكون أول مؤذن للاسلام ، وينشب القتال بين المسلمين وجيش قريش وبلال هناك يصول ويجول في أول غزوة يخوضها الاسلام ، غزوة بدر ، تلك الغزوة التي أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يكون شعارها ( أحد000أحد )000 وبينما المعركة تقترب من نهايتها ، لمح أمية بن خلف ( عبد الرحمن بن عوف ) صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاحتمى به وطلب اليه أن يكون أسيره رجاء أن يخلص بحياته000فلمحه بلال فصاح قائلا :( رأس الكفر ، أمية بن خلف 000 لا نجوت أن نجا )000ورفع سيفه ليقطف الرأس الذي طالما أثقله الغرور والكبر فصاح به عبدالرحمن بن عوف :( أي بلال 00 انه أسيري )000ورأى بلال أنه لن يقدر وحده على اقتحام حمى أخيه في الدين فصاح بأعلى صوته في المسلمين :( يا أنصار الله ، رأس الكفر أمية بن خلف 000 لا نجوت أن نجا )000وأقبلت كوكبة من المسلمين وأحاطت بأمية وابنه ، ولم يستطع عبد الرحمن بن عوف أن يصنع شيئا ، وألقى بلال على جثمان أمية الذي هوى تحت السيوف نظرة طويلة ثم هرول عنه مسرعا وصوته يصيح :( أحد000أحد )000
يوم الفتح
وعاش بلال مع الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يشهد معه المشاهـد كلها ، وكان يزداد قربا من قلب الرسـول الذي وصفه بأته ( رجل من أهل الجنة ) 000وجاء فتح مكة ، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكعبة ومعه بلال ، فأمره أن يؤذن ، ويؤذن بلال فيا لروعة الزمان والمكان والمناسبة 000
بلال من المرابطين
وذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى الرفيق الأعلى ، ونهض بأمر المسلمين من بعده أبوبكر الصديق ، وذهب بلال الى الخليفة يقول له :( يا خليفة رسول الله ، اني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله )000قال له أبو بكر : ( فما تشاء يا بلال ؟) قال :( أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت )000قال أبو بكر :( ومن يؤذن لنا ؟؟)000قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع :( اني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله )000قال أبو بكر :( بل ابق وأذن لنا يا بلال )000قال بلال :( ان كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد ، وان كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له )000قال أبو بكر :( بل أعتقتك لله يا بلال )000ويختلف الرواة في أنه سافر الى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا ، ويروي بعضهم أنه قبل رجاء أبي بكر وبقي في المدينة فلما قبض وولى الخلافة عمر ، استأذنه وخرج الى الشام 000
الآذان الأخير
وكان آخر آذان له ،أيام زار الشام أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه- وتوسل المسلمون اليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة ، ودعا أمير المؤمنين بلالا ، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها ، وصعد بلال وأذن 000 فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبلال يؤذن ، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا ، وكان عمر أشدهم بكاء000
وفاته
ومات بلال في الشام مرابطا في سبيل الله كما أراد ورفاته تحت ثرى دمشق | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأحد سبتمبر 27, 2009 7:16 am | |
| الطفيل بن عمرو الدوسي نشأ في أسرة كريمة في أرض ( دَوْس ) وذاع صيته كشاعر نابغة ، وكان موقعه في سوق عكاظ في المقدمة ، وكان كثير التردد على مكة000
اسلامه
وفي إحدى زياراته لمكة كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد شرع بدعوته ، وخشيت قريش أن يلقاه الطفيل ويسلم ، فيضع شعره في خدمة الإسلام ، لذا أحاطوا فيه وأنزلوه ضيفاً مكرماً ، وراحوا يحذرونه من محمد ، بأن له قولاً كالسحر ، يفرق بين الرجل وأبيه ، والرجل وأخيه ، والرجل وزوجته ، ويخشون عليه وعلى قومه منه ، ونصحوه بألا يسمعه أو يكلمه000 وحين خرج الطفيل من عندهم ، وضع في أذنه كُرسُفاً ( القطن ) كي لا يسمع شيئا ، فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- قائما يصلي عند الكعبة ، فقام قريبا منه فسمع بعض ما يقرأ الرسول الكريم ، فقال لنفسه :( واثُكْلَ أمي ، والله إني لرجل لبيب شاعر ، لا يخفى علي الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن أسمع من الرجل ما يقول ، فإن كان الذي يأتي به حسن قبلته ، وإن كان قبيحا رفضته )000 ثم تبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى منزله ودخل ورائه و قال :( يا محمد إن قومك قد حدثوني عنك كذا وكذا ، فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ، ولكن الله شاء أن أسمع ، فسمعت قولا حسنا ، فاعرض علي أمرك )000فعرض عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإسلام ، وتلا عليه القرآن ، فأسلم الطفيل وشهد شهادة الحق وقال :( يا رسول الله ، إني امرؤ مطاع في قومي وإني راجع إليهم ، وداعيهم الى الإسلام ، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عوناً فيما أدعوهم إليه )000فقال عليه السلام :( اللهم اجعل له آية )000
أهل دَوْس
ما كاد الطفيل -رضي الله عنه- يصل الى داره في أرض ( دَوْس ) حتى أخبر والده ودعاه الى الإسلام ، وأخبره عن الرسول العظيم وأمانته وطهره ، فأسلم أبوه بالحال ، ثم دعا أمه فأسلمت ، ثم زوجته فأسلمت ، وبعدها انتقل الى عشيرته فلم يسلم أحد منهم سوى أبو هريرة -رضي الله عنه- ، وخذلوه حتى نفذ صبره معهم ، فركب راحلته وعاد الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشكو إليه وقال :( يا رسول الله إنه قد غلبني على دَوْس الزنى والربا ، فادع الله أن يهلك دَوْساً !)000وكانت المفاجأة التي أذهلت الطفيل حين رفع الرسول -صلى الله عليه وسلم-كفيه الى السماء وقال :( اللهم اهْدِ دَوْساً وأت بهم مسلمين ) ثم قال للطفيل :( ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم )000فنهض وعاد الى قومه يدعوهم بأناة ورفق000
قدوم دَوْس
وبعد فتح خيبر أقبل موكب ثمانين أسرة من دَوْس الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكبرين مهللين ، وجلسوا بين يديه مبايعين ، وأخذوا أماكنهم والطفيل بين المسلمين ، وخلف النبي -صلى الله عليه وسلم-000
فتح مكة
ودخل الطفيل بن عمرو الدوسي مكة فاتحا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين ، فتذكر صنماً كان يصحبه اليه عمرو بن حُممة ، فيتخشع بين يديه ويتضرع إليه ، فاستأذن النبي الكريم في أن يذهب ويحرق الصنم ( ذا الكَفَين ) ، فأذن له النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فذهب وأوقد نارا عليه كلما خبت زادها ضراما وهو ينشد :( يا ذا الكفين لست من عُبّادكا ، ميلادنا أقدم من ميلادكا ، إني حشوت النار في فؤادكا )000
حروب الردة
وبعد انتقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى الرفيق الأعلى ، شارك الطفيل -رضي الله عنه- في حروب الردة حربا حربا ، وفي موقعة اليمامة خرج مع المسلمين وابنه عمرو بن الطفيل ، ومع بدء المعركة راح يوصي ابنه أن يقاتل قتال الشهداء ، وأخبره بأنه يشعر أنه سيموت في هذه المعركة وهكذا حمل سيفه وخاض القتال في تفان مجيد000
استشهاده
وفي موقعة اليمامة استشهد الطفيل الدوسي -رضي الله عنه- حيث هوى تحت وقع الطعان ، كما استشهد ابنه عمرو بن الطفيل في معركة اليرموك | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الأحد سبتمبر 27, 2009 8:59 pm | |
| هبط الليل على المدينة المباركة..أرخى سدوله ..وغارت نجومه يحمل السكون والسلام للكائنات
التي أرهقها كد النهار ..وأنهكها السعي في مناكب الأرض..يرتل ترانيم المساء ..يهدهد الجفون لتغرق في عذوبة الأحلام…يهدينا الليل شعورا خاصا وكأن الكون ملك لنا ..الليل يحرر أرواح المؤمنين ..لتصفو شيئا فشيئا ..حتى تنساب في صمت مهيب إلى باريها ..تتطهر
بسجدة أمام عرشه العظيم..تتحدى بها كيد الشياطين .. كان مساء عاديا على أية حال ..لكنه أبدا لم يكن كذلك عند حنظلة.. إنه اليوم يحلم حلمه الخاص.. حنظلة على موعد مع هذاالمساء ..
إنه اليوم الذي طال انتظاره ..اليوم يلتقي الشمس والقمر ..الليلة يهديه المساء حبيبته جميلة … اليوم عرس حنظلة..!!
** قلب لا يعرف القضبان **
يتمنى كل المحبين لو زرعوا الأرض وردا وسلاما ..لو رسموا قلوب الحب حمراء صغيرة على أغصان الشجر..على كل حجر ..فقط
لو يتركهم القدر ؟؟ لكن من فقدوا القدرة على الحب أعداء لكل من يحب .. والقدر الذي يهدي الخير لحنظلة اليوم يطالبه بالدفاع عنه في نفس اللحظة..تزوج حنظلة بجميلة الحبيبة في ليلة صبيحتها القتال في أحد ..استأذن حنظلة النبي الكريم أن يبيت عند زوجته .. حنظلة لا يعرف بالتحديد إن كان لقاءا أم وداعا ..؟!ويأذن له نبي الرحمة والسلام ..ليبيت الليلة عند عروسه
أي عذوبة كانت لذلك اليوم..؟ وأي عرس قام فيه..؟ وأي عطور عطرت ثوانيه ودقائقه وساعاته..؟ وأي سر يخفيه اليوم عن حنظلة وحبيبته التي أحترق قلبها بالحنين.. وتبثه اليوم شوقها وحبها .. اليوم تسلمه مفتاح مدينتها ..وتتوجه ملكا وسيدا على عرش قلبها الذي عاش دهرا في انتظار الحبيب.. تذرف أفراحا من دموع .. تمسك به كضيف يوشك أن يرتحل..كطيف تراه ولا تملكه..بدا حنظلة كالسماء قريبة ونائية..بكت وكأنها تستشعر لوعة فراقه ..يطمئنها يضمها لصدره
الذي يحمل الحب الأعظم ..وكأنه يضم كل صور الحب التي عرفها قلبه الطاهر في هذه الدنيا ..يجمع الحب الصغير إلى الحب العظيم ليمنحه العظمة والبهاء ..يضمها ليحتوي الحب السماوي الخالد حبه البشري الفاني ..فيمده بالبقاء والخلود ..أجرى حنظلة تلك المعادلات والحسابات العاطفية في عقله وقلبه ..وحسم قراره سريعا ..مع نسمات الفجر الأولى .. حين سمع صيحة القتال ..فبادر بالخروج ..
وكان جنبا رضي الله عنه ..فلم يتمهل حتى يغتسل ..وانطلق بين دموع الحبيبة وأشواق الفؤاد الذي لم يرتو من شهد الحبيب بعد.. انطلق والحنين يصدح في جنبات قلبه ..الحنين للساعات الأولى التي جمعتهم ..ثم مرت كدهر من الزمان ..وصارت حلما ..!!
انطلق حنظلة ..الذي جعل من هواى نفسه ترابا تطئه قدمه وانتصر الحب الكبير على كل شئ ..انتصر على حنظلة ذاته ..أجل انتصر حنظلة على حنظلة ..وانتهى الاختبار..!!
** الحب دموع ..والحب ثورة **
وينطلق حنظلة المجاهد عريس البارحة ..يحمل سلاحه ليلحق بالنبي وهو يسوي صفوف المجاهدين ..يصف قلوبا للبيع في سبيل الله.. ويدخل حنظلة سوق الجنة .. ويشتد القتال ..في البداية ينتصر الباعة وحين يترك الرماة مواقعهم ..حين يتحول الباعة إلى شراه ..يضطرب قانون المعركة ..ويتقدم المشركون بظلامهم الكثيف ..ما زالت بعض القلوب تصمم على البيع ..وتصمد مع نبي الرحمة والسلام ..
مازال حنظلة يبرهن على حبه العظيم لله تعالى ….مازال يخجلنا في الحقيقة ..إنه يتقدم نحو أبي سفيان بن حرب .. يسرع نحوه ..ليضرب أرجل فرسه من الخلف ..ويقع أبو سفيان يسقطه من فرسه على الأرض ..وكأنه يسقط الباطل الذي سرق أمنه وسلامه..الباطل الذي يطارد فكره ..ويصادر عقيدته ..يحرمه جميلة ويحرم جميلة منه ..وهنا يدركه شداد بن الأسود و يعين أبا سفيان على حنظلة ..
فيقتل أحدهما القلب الطاهر برمية رمح نافذة .. ويقول أبو سفيان حنظلة بحنظلة ..يقصد أنه أخذ بثأر ابنه الذي قتل يوم بدر..ويرحل عنا حنظلة ويبقى مسك دمه ليعطر أرواحنا.. يحمل إلينا نسمات الجنة..لتوقظ نفوسنا النائمة ..وتنعش هممنا…علنا يوما نمتطي خيول الشهادة ..ونترجل عن خيول الأمنيات!!
** يالروعة دمك يا حنظلة **
وتتطهر الأرض بدم المحبين ..دم حنظلة فوق كل الأرض.. يصبغها حبا بكل الألوان ..يبدو الحب في حياة حنظلة كصلاة كاملة الخشوع ..يتعبد بمزيج من الحب .. أطياف وألوان من الحب .. حب النبي عليه السلام.. حب الإسلام حب إخوانه المسلمين..حب الخير ..حب الوطن ..حب جميلة ..
لكن لونا مميزا بدا أكثر وضوحا من أي لون ..إنه لون الحب الكبير الحب الخالد ..حب الله ..الذي ظل يعتمل في نفسه وينتصر على كل ألوان الحب الأخرى ..الحب الذي ظل يتألق انتصارا في روح حنظله حيا وميتا .. إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة …فهنيئا لك الجنة يا حنظلة !!
** السماء تمطر عشقا ** حبات المطر الدامية
انتهت المعركة ..عرض المتاجرون مع الله بضائعهم ..حملوا قلوبهم على أكفهم ..ليقبل الله من يشاء ويرد من يشاء ..هم يوقنون أن الصدق اليوم أنفس البضائع .. وأن من يصدق الله ليس بضائع ..!!
إنهم يشترون الجنة..سلعة الله الغالية ..ويفقهون قانون المتاجرة مع الله تعالى أما نحن فندرك جيدا ارتباط السلع الغالية بالأثمان الغالية .. لكنا نستسلم لهدهدة الأمنيات و سراب الكلمات علها تمنحنا شيئا من السلام الزائف !!
يبحث من بقي من الصحابة عن إخوانهم ..وتتفقد القلوب التي لم تزل تنتظر وعد السماء.. تلك التي سبقتها إلى السماء ..وتتلمس أيديهم الحزينة جسد حنظلة المخضب بالدماء ..ويعجبون لقطرات الماء تنساب من جبينه كحبات من لؤلؤ..وتتساقط من خصلات شعره بلحن حزين ..بدت وكأنها دموع جميلة الحزينة ..!!
والحقيقة أن قطرات الماء تلك ظلت لغزا عصيا على الفهم ..حتى سمع الصحابة صوت النبي يقول بعذوبة بالغة : إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من فضة !! إنها السماء تمطر عشقا
وظلت الأوس قبيلة حنظلة تفاخر به وتقول منا غسيل الملائكة حنظلة ابن أبي عامر ..ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت ..ومنا من أجيزت شهادته بشهادتين خزيمة بن ثابت ..ومنا من اهتز لموته عرش الرحمن ..سعد ابن معاذ .
والحقيقة أن حنظلة يظل فخرا ووساما على صدر البشرية كلها وليس الأوس وحدهم !!
** بوابات السحاب الأبيض **
جميلة لا يهمها الآن إن كان حنظلة قريبا أو بعيدا ..إن كان شمسا غاربة على حافة المدى ..أم شعاعا حارقا في كبد السماء ..فشمس حنظلة تتوهج في ضلوعها العاجزة عن الصراخ إليه ..ترسل إليها خيوطها الذهبية المحملة بدفء اللحظات الحنونة التي جمعتهم.. تؤنس غربتها وتنير ليلها الطويل ..وتمنحها دفئا يتخطى جسدها النحيل إلى حجرتها الحزينة ..يطرد البرد المقيم فيها مذ رحل حنظلة ..!!
ما زالت جميلة ترتوي من ذكريات اللقاء القصير المنغمسة في روحها .. فأمسية عشقهما الخالد تأبى النسيان …مازالت تجد عطره في فراشها ..وترى وجهه الملتصق بسقف حجرتها .. مازالت كل ليلة في نهرحنظلة تغتسل و تنام .. بعد ان ثملت عيناها بضوء استشهاده..ما زالت تراه في البلاد التي تسكن السماء !!
مازالت جميلة تروي لجيرانها كيف أنها رأت رؤيا قبيل زفافها ..وكيف صدقت الرؤيا ؟ تقول جميلة أنها رأت كأن السماء قد فرجت لحنظلة فدخل فيها ثم أطبقت ..!!
ويبدو أن تلك الرؤيا أفزعت جميلة ورأت فيها ظلالا من الغموض والخوف ..حتى أنها أرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أن حنظلة قد دخل بها ..ومن يدري جميلة أن الرؤيا التي خشيت أن تلحق بها سوءا ..وعملت على اتقاء همز الناس ولمزهم … تحمل بشارة السماء ..وتقلدها وسام زوجة شهيد ..بل وأم شهيد !! | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الإثنين سبتمبر 28, 2009 11:58 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم وبعد التحيه عمرو بن العاص - محرّر مصر من الرومان كانوا ثلاثة في قريش، اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنف مقاومتهم دعوته وايذائهم أصحابه.. وراح الرسول يدعو عليهم، ويبتهل الى ربه الكريم أن ينزل بهم عقابه.. واذ هو يدعو ويدعو، تنزل الوحي على قلبه بهذه الآية الكريمة.. ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم، فانهم ظالمون).. وفهم الرسول من الآية أنها أمر له بالكف عن الدعاء عليهم، وترك أمرهم الى الله وحده.. فامّا أن يظلوا على ظلمهم، فيحلّ بهم عذابه.. أو يتوب عليهم فيتوبوا، وتدركهم رحمته.. كان عمرو بن العاص أحد هؤلاء الثلاثة.. ولقد اختار الله لهم طريق التوبة والرحمة وهداهم الى الاسلام.. وتحول عمرو بن العاص الى مسلم مناضل. والى قائد من قادة الاسلام البواسل.. وعلى الرغم من بعض مواقف عمرو التي لا نستطيع أن نقتنع بوجهة نظره فيها، فان دوره كصحابيّ جليل بذل وأعطى، ونافح وكافح، سيظل يفتح على محيّاه أعيننا وقلوبنا.. وهنا في مصر بالذات، سيظل الذين يرون الاسلام دينا قيما مجيدا.. ويرون في رسوله رحمة مهداة، ونعمة موجاة، ورسول صدق عظيم، دعا الى الله على بصيرة، وألهم الحياة كثيرا من رشدها وتقاها.. سيظل الذين يحملون هذا الايمان مشحوذي الولاء للرجل الذي جعلته الأقدار سببا، وأي سبب، لاهداء الاسلام الى مصر، واهداء مصر الى الاسلام.. فنعمت الهداية ونعم مهديها.. ذلكم هو: عمرو بن العاص رضي الله عنه.. ولقد تعوّد المؤرخون أن ينعتوا عمرا بـ فاتح مصر.. بيد أنا نرى في هذا الوصف تجوزا وتجاوزا، ولعل أحق النعوت بعمرو أن ندعوه بـ محرر مصر.. فالاسلام لم يكن يفتح البلاد بالمفهوم الحديث للفتح، انما كان يحررها من تسلط امبراطوريتين سامتا العباد والبلاد سوء العذاب، تانك هما: امبراطورية الفرس.ز وامبراطورية الروم.. ومصر بالذات، يوم أهلت عليها طلائع الاسلام كانت نهبا للرومان وكان أهلها يقاومون دون جدوى.. ولما دوّت فوق مشارف بلادهم صيحات الكتائب المؤمنة أن: " الله أكبر.. الله أكبر".. سارعوا جميعا في زحام مجيد صوب الفجر الوافد وعانقوه، واجدين فيه خلاصهم من قيصر ومن الرومان.. فعمرو بن العاص ورجاله، لم يفتحوا مصر اذن.. انما فتحوا الطريق أمام مصر لتصل بالحق مصايرها.. وتربط بالعدل مقاديرها.. وتجد نفسها وحقيقتها في ضوء كلمات الله، ومبادئ الاسلام.. ولقد كان رضي الله عنه حريصا على أن يباعد أهل مصر وأقباطها عن المعركة، ليظل القتال محصورا بينه وبين جنود الرومان الين يحتلون البلاد ويسرقون أرزاق أهلها.. من أجل ذلك نجده يتحدث الى زعماء النصارى يومئذ وكبار أشاقفتهم، فيقول: "... ان الله بعث محمدا بالحق وأمره به.. وانه عليه الصلاة والسلام، قد أدّى رسالته، ومضى بعد أن تركنا على الواضحة أي الطريق الواضح المستقيم.. وكان مما أمرنا به الاعذار الى الناس، فنحن ندعوكم الى الاسلام.. فمن أجابنا، فهو منا، له ما لنا وعليه ما علينا.. ومن لم يجبنا الى الاسلام، عرضنا عليه الجزية أي الضرائب وبذلنا له الحماية والمنعة.. ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح علينا، وأوصانا بأهلها خيرا فقال:" ستفتح عليكم بعدي مصر، فاستوصوا بقبطها خيرا، فان لهم ذمّة ورحما".. فان أجبتمونا الى ما ندعوكم اليه كانت لكم ذمة الى ذمة"... وفرغ عمرو من كلماته، فصاح بعض الأساقفة والرهبان قائلا: " ان الرحم التي أوصاكم بها نبيّكم، لهي قرابة بعيدة، لا يصل مثلها الا الأنبياء"..!! وكانت هذه بداية طيبة للتفاهم المرجو بين عمرو أقباط مصر.. وان يكن قادة الرومان قد حاولوا العمل لاحباطها.. ** وعمرو بن العاص لم يكن من السابقين الى الاسلام، فقد أسلم مع خالد بن الوليد قبيل فتح مكة بقليل.. ومن عجب أن اسلامه بدأ على يد النجاشي بالحبشة وذلك أن النجاشي يعرف عمرا ويحترمه بسبب تردده الكثير على الحبشة والهدايا الجزيلة التي كان يحملها للنجاشي، وفي زيارته الأخيرة لتلك البلاد جاء ذكر لرسول الذي يهتف بالتوحيد وبمكارم الأخلاق في جزيرة العرب.. وسأل عاهل الحبشة عمرا، كيف لم يؤمن به ويتبعه، وهو رسول من الله حقا..؟؟ وسأل عمرو النجاشي قائلا: " أهو كذلك؟؟" وأجابه النجاشي: " نعم، فأطعني يا عمرو واتبعه، فانه والله لعلى الحق، وليظهرنّ على من خالفه"..؟! وركب عمرو ثبج البحر من فوره، عائدا الى بلاده، وميمّما وجهه شطر المدينة ليسلم لله رب العالمين.. وفي الطريق المقضية الى المدينة التقى بخالد بن الوليد قادما من مكة ساعيا الى الرسول ليبايعه على الاسلام.. ولك يكد الرسول يراهما قادمين حتى تهلل وجهه وقال لأصحابه: " لقد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها".. وتقدم خالد فبايع.. ثم تقدم عمرو فقال: " اني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي".. فأجابه الرسول عليه السلام قائلا: " يا عمرو.. بايع، فان الاسلام يجبّ ما كان قبله".. وبايع عمرو ووضع دهاءه وشجاعته في خدمة الدين الجديد. وعندما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، كان عمرو واليا على عمان.. وفي خلافة عمر أبلى بلاءه المشهود في حروب الشام، ثم في تحرير مصر من حكم الرومان. ** وياليت عمرو بن العاص كان قد قاوم نفسه في حب الامارة.. اذن لكان قد تفوّق كثيرا على بعض المواقف التي ورّطه فيها الحب. على أن حب عمرو الامارة، كان الى حد ما، تعبيرا تلقائيا عن طبيعته الجياشة بالمواهب.. بل ان شكله الخارجي، وطريقته في المشي وفي الحديث، كانت تومي الى أنه خلق للامارة..!! حتى لقد روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رآه ذات يوم مقبلا، فابتسم لمشيته وقال: " ما ينبغي لأبي عبدالله أن يمشي على الأرض الا أميرا"..! والحق أن أبا عبدالله لم يبخس نفسه هذا الحق.. وحتى حين كانت الأحداث الخطيرة تجتاح المسلمين.. كان عمرو يتعامل مع هذه الأحداث بأسلوب أمير، أمير معه من الذكاء والدهاء، والمقدرة ما يجعله واثقا بنفسه معتزا بتفوقه..!! ولكن معه كذلك من الأمانة ما جعل عمر بن الخطاب وهو الصارم في اختيار ولاته، واليا على فلسطين والأردن، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين عمر... حين علم أمير المؤمنين عمر أن عمرا قد جاوز في رخاء معيشته الحد الذي كان أمير المؤمنين يطلب من ولاته أن يقفوا عنده، ليظلوا دائما في مستوى، أو على الأقل قريبين من مستوى عامة الناس.. نقول: لو علم الخليفة عن عمرو كثرة رخائه، لم يعزله، انما أرسل اليه محمد بن مسلمة وأمره أن يقاسم عمرا جميع أمواله وأشيائه، فيبقي له نصفها ويحمل معه الى بيت المال بالمدينة نصفها الآخر. ولو قد علم أمير المؤمنين أن حب عمرو للامارة، يحمله على التفريط في مسؤولياته، لما احتمل ضميره الرشيد ابقاءه في الولاية لحظة. ** وكان عمرو رضي الله عنه حادّ الذكاء، قوي البديهة عميق الرؤية.. حتى لقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، كلما رأى انسانا عاجز الحيلة، صكّ كفيّه عجبا وقال: " سبحان الله..!! ان خالق هذا، وخالق عمرو بن العاص اله واحد!! كما كان بالغ الجرأة مقداما ولقد كان يمزج جرأته بدهائه في بعض المواطن، فيظن به الجبن أو الهلع.. بيد أنها سعة الحيلة، كان عمرو يجيد استعمالها في حذق هائل ليخرج نفسه من المآزق المهلكة..!! ولقد كام أمير المؤمنين عمر يعرف مواهبه هذه ويقدرها قدرها، من أجل ذلك عندما أرسله الى الشام قبل مجيئه الى مصر، قيل لأمير المؤمنين: ان على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا أي قائدا وأميرا من الشجعان الدهاة، فكان جواب عمر: " لقد رمينا أرطبون الروم، بأرطبون العرب، فلننظر عمّ تنفرج الأمور"..!! ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب، وداهيتهم الخطير عمرو ابن العاص، على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر، التي سيلحقه بها عمرو بعد قليل، ليرفع فوق ربوعها الآمنة راية الاسلام. ** وما أكثر المواقف التي تألق فيها ذكاء عمرو ودهاؤه. وان كنا لا نحسب منها بحال موقفه من أبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم حين اتفقا على أن يخلع كل منهما عليا ومعاوية، ليرجع الأمر شورى بين المسلمين، فأنفذ أبو موسى الاتفاق، وقعد عن انفاذه عمرو. واذا اردنا أن نشهد صورة لدهائه، وحذق بديهته، ففي موقفه من قائد حصن بابليون أثناء حربه مع الرومان في مصر وفي رواية تاريخية أخرى أنها الواقعة التي سنذكرها وقعت في اليرموك مع أرطبون الروم.. اذ دعاه الأرطبون والقائد ليحادثه، وكان قد أعطى أمرا لبعض رجاله بالقاء صخرة فوقه اثر انصرافه من الحصن، وأعدّ كل شيء ليكون قتل عمرو أمرا محتوما.. ودخل عمرو على القائد، لا يريبه شيء، وانفض لقاؤهما، وبينما هو في الطريق الى خارج الحصن، لمح فوق أسواره حركة مريبة حركت فيه حاسة الحذر بشدّة. وعلى الفور تصرّف بشكل باهر. لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة وئيدة ومشاعر متهللة واثقة، كأن لم يفرّعه شيء قط، ولم يثر شكوكه أمر!! ودخل على القائد وقال له: لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه.. ان معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين الى الاسلام، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دونمشورتهم، ولا يرسل جيشا من جيوش الاسلام الا جعلهم على رأس مقاتلته وجنوده، وقد رأيت أن آتيك بهم، حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة.. وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر..!! فليوافقه اذن على رأيه، حتى اذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم وقوادهم، أجهز عليهم جميعا، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده.. وبطريقة غير منظورة أعطى أمره بارجاء الخطة التي كانت معدّة لاغتيال عمرو.. ودّع عمرو بحفاوة، وصافحه بحرارة، وابتسم داهية العرب، وهو يغادر الحصن.. وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن، ممتطيا صهوة فرسه، التي راحت تقهقه في صهيل شامت وساخر. أجل فهي الأخرى كانت تعرف من دهاء صاحبها الشيء الكثير..!! ** وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر، حيث كان واليا عليها.. وراح يستعرض حياته في لحظات الرحيل فقال: ".. كنت أول أمري كافرا.. وكنت أشد الناس على رسول الله، فلو مت يومئذ لوجبت لي النار.. ثم بايعت رسول الله، فما كان في الناس أحد أحب اليّ منه، ولا أجلّ في عيني منه.. ولو سئلت أن أنعته ما استطعت، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه اجلالا له.. فلو متّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة.. ثم بليت بعد ذلك بالسلطان، وبأشياء لاأدري أهي لي أم عليّ".. ** ثم رفع بصره الى السماء في ضراعة، مناجيا ربه الرحيم العظيم قائلا: " اللهم لا بريء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر، والا تدركني رحمتك أكن من الهالكين"!! وظل في ضراعاته، وابتهالاته حتى صعدت الى الله روحه. وكانت آخر كلماته لا اله الا الله.. وتحت ثرى مصر، التي عرّفها عمرو طريق الاسلام، ثوى رفاته.. وفوق أرضها الصلبة، لا يزال مجلسه حيث كان يعلم، ويقضي ويحكم.. قائما عبر القرون تحت سقف مسجده العتيق جامع عمرو، أول ميجد في مصر يذكر فيه اسم الله الواحد الأحد، وأعلنت بين أرجائه ومن فوق منبره كلمات الله، ومبادئ الاسلام. مع اجمل تحياتي ودمتم في خير وسلام | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الإثنين سبتمبر 28, 2009 11:59 am | |
| أبو ذر الغفاري ، جندب بن جنادة ... رضي الله عنه
*** جاء في الإستيعاب في معرفة الأصحاب = كان إسلام أبي ذر قديماً ، فيقال بعد ثلاثة ، ويقال بعد أربعة ... وقد روى عنه أنه قال: أنا رابع الإسلام، وقيل خامساً ...ثم رجع إلى بلاد قومه بعدما أسلم فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق، ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فصحبه إلى أن مات ؛ وخرج بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه إلى الشام فلم يزل بها حتى ولي عثمان رضي الله عنه، ثم استقدمه عثمان لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة فمات بها وصلى عليه عبد الله بن مسعود ، صادفه وهو مقبل من الكوفة مع نفر من فضلاء من أصحابه منهم حجر بن الأدبر ومالك بن الحارث الأشتر وفتى من الأنصار دعتهم امرأته إليه فشهدوا موته وغمضوا عينيه وغسلوه وكفنوه في ثياب الأنصار ...وفي خبر أن ابن مسعود لما دعي إليه وذكر له بكى بكاء طويلاً...وقد قيل إن ابن مسعود كان يومئذ مقبلاً من المدينة إلى الكوفة فدعى إلى الصلاة عليه ، فقال ابن مسعود : من هذا ؟ قيل: أبو ذر ...فبكى بكاء طويلاً وقال : أخي وخليلي ،عاش وحده ومات وحده ويبعث وحده طوبى له...وكانت وفاته بالربذة سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه ابن مسعود رضي الله عنهما. - وذكر علي بن المديني -...عن أم ذر أنها بكت ، فقالت : ومالي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض وليس عندي ثوب يسعك كفناً لي ولا لك ولا يد لي للقيام بجهازك ؟ قال: فابشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبداً ... وقد مات لنا ثلاثة من الولد ؛ وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين ... وليس أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل... والله ما كذبت ولا كذبت ، فأبصري الطريق ... قالت : قلت : وأنّى وقد ذهب الحاج وتقطعت الطريق ؟ قال : اذهبي فتبصري... قالت : فكنت أشتد إلى الكثيب فأنظر ثم أرجع إليه فأمرضه ؛ فبينا هو أنا كذلك إذ أنا برجال على رحالهم كأنهم الرخم تحث بهم رواحلهم فأسرعوا إلى حتى وقفوا علي، فقالوا : يا أمة الله ما لك ؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه ؟ قالوا: ومن هو؟ قلت : أبو ذر... قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: نعم ... قالت : ففدوْه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه فقال لهم أبشروا : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين ... وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية وجماعة ، والله ما كذبت ولا كذبت ، ولو كان عندي ثوب يسعني كفناً لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها ، وإني أنشدكم الله ألا يكفنني رجل منكم أميراً أو عريفاً أو بريداً أو نقيباً ...وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار فقال: أنا أكفنك يا عم في ردائي هذا وفي ثوبين في غيبتي من غول أمي ...قال : أنت تكفنني يا بني...قالت: فكفنه الأنصاري وغسله في النفر الذين حضروه وقاموا عليه ودفنوه في نفر كلهم يمان . - وروى عنه جماعة من الصحابة وكان من أوعية العلم المبرزين في الزهد والورع والقول الحق ... سئل علي رضي الله عنه عن أبي ذر فقال : ذلك رجل وعى علما عجز عنه الناس ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئاً منه... - وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أبو ذر في أمتي شبيه عيسى بن مريم في زهده ... وبعضهم يرويه: من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر . وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، ومن سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر . - وروى إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: كان قوتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من التمر فلست بزائد عليه حتى ألقى الله تعالى. - روى الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن ابن غنم قال: كنت عند أبي الدرداء إذ دخل عليه رجل من أهل المدينة فسأله فقال: أين تركت أبا ذر ؟قال :بالربذة ... فقال أبو الدرداء :إنا لله وإنا إليه راجعون ، لو أن أبا ذر قطع مني عضواً لما هجته لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ... / بتصرف يسير /
***وفي سير أعلام النبلاء = أبو ذر الغفاري، أحد السابقين الاولين، من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم... كان آدم ضخما جسيما، كث اللحية...وكان رأسا في الزهد، والصدق، والعلم والعمل، قوالا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، على حدة فيه... وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر.
*** وفي الإصابة في معرفة الصحابة = كان أبو ذر من السابقين إلى الإسلام ، وقصة إسلامه في الصحيحين على صفتين بينهما اختلاف ظاهر ؛ فعندالبخاري من طريق أبي حمزة عن ابن عباس قال: لما بلغ أبا ذر مبعثَ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخيه : اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني ...فانطلق الأخ حتى قدم وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ، ويقول كلاماً ما هو بالشعر ... فقال ما شفيتني مما أردت ... فتزود وحمل شنة فيها ماء حتى قدم مكة ، فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه ، حتى أدركه بعض الليل فاضطجع فرآه عليّ فعرف أنه غريب ، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد ، وظل ذلك اليوم ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى فعاد إلى مضجعه ، فمر به عليّ فقال : أما آن للرجل أن يعرف منزله ؟ فأقامه فذهب به معه لا يسأل أحدهما صاحبه عن شيء حتى كان اليوم الثالث ففعل مثل ذلك فأقامه فقال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك ؟ قال: إن أعطيتني عهداً وميثاقاً أن ترشدني فعلت... ففعل ، فأخبره ، فقال: إنه حق وإنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئاً أخافه عليك قمت كأني أريق الماء ،فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ... ففعل ، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه وسمع من قوله فأسلم مكانه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري . فقال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم ، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ... فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه ، وأتى العباس فأكب عليه وقال: ويلكم ، ألستم تعلمون أنه من غفار وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام ؟ فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه....وعندمسلم من طريق عبد الله بن الصامت عن أبي ذر في قصة إسلامه: وفي أوله صليت قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم حيث وجهني الله ، وكنا نزلاً مع أمنا على خال لنا فأتاه رجل فقال له إن أنيساً يخلفك في أهلك ، فبلغ أخي فقال: والله لا أساكنك فارتحلنا فانطلق أخي فأتى مكة ثم قال لي: أتيت مكة فرأيت رجلاً يسميه الناس الصابىء هو أشبه الناس بك... قال: فأتيت مكة فرأيت رجلاً فقلت: أين الصابىء ؟ فرفع صوته علي فقال :صابىء.. صابىء ..! فرماني الناس حتى كأني نصب أحمر ، فاختبأت بين الكعبة وبين أستارها ، ولبثت فيها بين خمس عشرة من يوم وليلة ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم... قال : ولقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقد دخلا المسجد فوالله إني لأول الناس حياه بتحية الإسلام ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله ... فقال: وعليك السلام ورحمة الله... من أنت ؟ فقلت: رجل من بني غفار... فقال صاحبه: ائذن لي يا رسول الله في ضيافته الليلة... فانطلق بي إلى دار في أسفل مكة فقبض لي قبضات من جمجراوىيب ؛ قال :فقدمت على أخي فأخبرته أني أسلمت ... قال: فإني على دينك... فانطلقنا إلى أمنا فقالت: فإني على دينكما... قال : وأتيت قومي فدعوتهم ، فتبعني بعضهم...
+ يقال إن إسلامه كان بعد أربعة وانصرف إلى بلاد قومه فأقام بها حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ومضت بدر وأحد ولم تتهيأ له الهجرة إلا بعد ذلك ، وكان طويلاً أسمر اللون نحيفاً ...وقال أبو قلابة عن رجل من بني عامر: دخلت مسجد منى فإذا شيخ معروق آدم عليه حلة قطري فعرفت أنه أبو ذر بالنعت.
+ وأخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدىء أبا ذر إذا حضر ويتفقده إذا غاب.
+ وقال الإمام أحمد في كتاب الزهد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو سمعت عراك بن مالك يقول قال أبو ذر :إني لأقربكم مجلساً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أقربكم مني مجلساً يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته فيها ... وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد نشب فيها بشيء غيري...وهكذا أورده في المسند، وأظنه منقطعاً لأن عراكاً لم يسمع من أبي ذر.
+ روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه خلق كثير...
+ قال أبو إجمجراوى السبيعي عن هانئ بن هانئ عن علي: أبو ذر وعاء ملىء علماً ثم أوكىء عليه. أخرجه أبو داود بسند جيد ؛ وأخرج أبو داود أيضاً وأحمد عن عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر .
+ وقال الآجري عن أبي داود: لم يشهد بدراً ولكن عمر ألحقه بهم وكان يوازي ابن مسعود في العلم....
+ وفي غِفار – قبيلة أبي ذر - قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : غِفار غفر اللهُ له ... / مسلم ؛ وفي رواية عنده : - عن أبي ذرٍّ قال: لي رسول الله عليه السلام: " إئتِ قومك فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أسلمُ سلمَها اللهُ، وغِفار غفر اللهُ لها " . مُسلم .
+ وفي " السيرة النبوية " لابن إجمجراوى بسند ضعيف عن ابن مسعود قال كان لا يزال يتخلف الرجل في تبوك فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول: " دعوه فإن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه " . فتلوم أبو ذر على بعيره فأبطأ عليه فأخذ متاعه على ظهره ثم خرج ماشياً فنظر ناظر من المسلمين فقال إن هذا الرجل يمشي على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كن أبا ذر " فلما تأملت القوم قالوا يا رسول الله هو والله أبو ذر فقال: " يرحم الله أبا ذر يعيش وحده ويموت وحده ويحشر وحده " . فذكر قصة موته ...
*** وكانت وفاته بالربذة سنة إحدى وثلاثين وقيل في التي بعدها وعليه الأكثر ويقال إنه صلى عليه عبد الله بن مسعود في قصة رويت بسند لا بأس به وقال المدائني: إنه صلى عليه ابن مسعود بالربذة ثم قدم المدينة فمات بعده بقليل./ والربذة من قرى المدينة ، قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكة، وبهذا الموضع قبر أبيذر الغفاري ، جندب بن جنادة رضي الله عنه | |
|
| |
تباشير الصباح عضو جينيس
الابراج : عدد الرسائل : 2637 تاريخ الميلاد : 10/01/1983 العمر : 41 المزاج : صابر وراضى نقاط : 3796 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الإثنين سبتمبر 28, 2009 12:00 pm | |
| المقداد بن عمرو أول فرسان الإسلام إن اللـه أمرنـي بحُبِّـك000 " " وأنبأني أنه يُحبك000 حديث شريف المقداد بن عمرو حالف في الجاهلية ( الأسود بن عبد يغوث ) فتبناه ، فصار يدعى المقداد بن الأسود حتى إذا نزلت الآية الكريمة التي تنسخ التبني ، نُسِبَ لأبيه (عمرو بن سعد )، وكان المقداد من المبكرين بالإسلام ، وسابع سبعة جاهروا بإسلامهم
حاملا حظه من أذى المشركين ، وقال عنه الصحابة أوَّل من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد بن الأسود )000وكان حسن الإسلام ليصبح أهلا لأن يقول عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إن اللـه أمرنـي بحُبِّـك وأنبأني أنه يُحبك )000 غزوة بدر استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في استعدادهم لقتال قريش ، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى * اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنـتا قاعدون *) 0 ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا الى بَرْك الغِمـاد لجالدنا معك من دونـه حتى تبلغه )000فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- خيرا ودعا له000وكان فرسان المسلمين يومئذ ثلاثة لا غير ( المقداد بن عمرو ) ، ( مرثد بن أبي مرثد ) ، ( الجمجراوىير بن العوام ) ، بينما كان بقية المجاهدين مشاة أو راكبين إبلا000 الإمارة ولاّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إحدى الإمارات يوما ، فلما رجع سأله النبي كيف وجدت الإمارة ؟)000فأجاب لقد جَعَلتني أنظر الى نفسي كما لو كنت فوق الناس ، وهم جميعا دوني ، والذي بعثك بالحق ، لاأتأمرَّن على اثنين بعد اليوم أبداً )000 حكمته لقد كان المقداد دائب التغني بحديث سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن السعيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتن )000ومن مظاهر حكمته طول أناته في الحكم على الرجال وحكمه الأخير على الرجال يبقيه الى لحظة الموت ، ليتأكد أن هذا الذي يريد أن يحكم عليه لن يطرأ عليه أي تغيير000ومن حكمته الموقـف التالي الذي يرويه أحد الرجال فيقول : جلسنا إلى المقداد يوما ، فمرَّ به رجـل فقال مُخاطبا المقداد طوبى لهاتيـن العينيـن اللتين رَأَتَا رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- والله لَوَدِدْنا أنَّا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت )000فأقبل عليه المقداد وقال ما يَحْمِل أحدكم على أن يتمَنّى مشهداً غَيَّبَه الله عنه ، لا يدري لو شهدَه كيف كان يصير فيه ؟؟ والله لقد عاصَرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقوامٌ كَبَّهُمُ الله عز وجل على مناخِرِهم في جهنم ، أوَلاَ تحمدون الله الذي جَنَّبّكم مثل بلائهم ، وأخرجكم مؤمنين بربكم وبنبيكم )000 المسئولية وحب المقداد -رضي الله عنه- للإسلام ملأ قلبه بمسئولياته عن حماية الإسلام ، ليس فقط من كيد أعدائه ، بل ومن خطأ أصدقائه ، فقد خرج يوما في سريَّة تمكن العدو فيها من حصارهم ، فأصدر أمير السرَّية أمره بألا يرعى أحد دابته ، ولكن أحد المسلمين لم يحِط بالأمر خُبْرا فخالفه ، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق ، أو لا يستحقها على الإطلاق ، فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح فسأله فأنبأه ما حدث ، فأخذ المقداد بيمينه ومضيا صوب الأمير ، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له والآن أقِدْهُ من نفسك ، ومَكِّنْهُ من القصاص )000وأذعن الأمير ، بيد أن الجندي عفا وصفح وانتشى المقداد بعظمة الموقف وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة ، فراح يقول لأموتَنَّ والإسلام عزيز )000 | |
|
| |
the lion الادارة
الرتبة : الادارة الابراج : عدد الرسائل : 1750 تاريخ الميلاد : 22/10/1983 العمر : 41 العمل/الترفيه : الرسم- الكتابة - الموسيقي -النت المزاج : الحمد لله نقاط : 2287 تاريخ التسجيل : 12/05/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الإثنين سبتمبر 28, 2009 12:11 pm | |
| | |
|
| |
صلاح سامى المدير العام
ايه رئيك فى موقع جمجرة : فكرة جديدة اظهرت بلدنا على الانترنت كيف تعرفت على موقع جمجرة : اخر انا من عائلة : بركات انا من سكان : منطقة وسط البلد الرتبة : الابراج : عدد الرسائل : 4125 تاريخ الميلاد : 22/03/1991 العمر : 33 الموقع : 01116450078 العمل/الترفيه : انسان مهم المزاج : الحمد لله نقاط : 4062 تاريخ التسجيل : 13/02/2009
| موضوع: رد: احسن القصص الإثنين سبتمبر 28, 2009 1:55 pm | |
| | |
|
| |
| احسن القصص | |
|